ندوة عن قانون السرية المصرفية المعدّل لمعهد باسل فليحان

نظّم معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي امس بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (ALDIC) ندوة عبر منصة “زوم” بعنوان “قانون السرية المصرفية المعدّل: بين مقتضيات الشفافية ومتطّلبات الإصلاح المالي”.
وتحدث في الندوة التي يسّرتها الكاتبة والصحافية المتخصّصة بالشأن الاقتصادي عزّة الحاج حسن، الأستاذ المحاضر في قانون الضرائب والمالية العامة المحامي كريم ضاهر الذي رأى أن “إقرار قانون تعديل السرية المصرفية (…) يعيد الثقة والصدقية للدولة اللبنانية وقد يُخرجها” من اللائحتين الرمادية والسوداء “ويعيد إطلاق اقتصادها ويسهل جذب الرساميل والاستثمارات”، لكنه شدّد على أن هذه التعديلات “هي الإزميل في يد النحّات”، ويستلزم تالياً “قيام المراجع والهيئات الرسمية التي يُفترض بها أن تحقق وتحاسب وتسترجع وتردّ الأموال بواجبها

بساط
واستُهلت الندوة بكلمة ترحيبية لرئيسة المعهد لمياء المبيّض بساط ذكّرت فيها بأن “موضوع السرية المصرفية كان من المحرّمات في لبنان لمدة طويلة، إذ كانت تُعدّ مصدراً للثقة بلبنان، في حين أن العالم كله اليوم بات يرى أن الثقة تنبع من الشفافية لا من السرية”.
وأشارت إلى أن “الحاجة برزت في ظل الأزمات التي يعانيها الاقتصاد اللبناني منذ سنوات إلى إعادة النظر في قانون السرية المصرفية، لا بهدف إلغائه، بل لتحريره من كونه أداة للإفلات من المحاسبة، وتحويله إلى أداة توازن بين حماية الخصوصية المصرفية ومتطلبات الشفافية والمساءلة”.
ولاحظت أن “السرية المصرفية لم تعد ركيزة استقرار في بيئة يسودها انعدام الثقة وتتفكك فيها أدوات الرقابة، بل تحوّلت إلى عبء على الاقتصاد الوطني. من هنا، أصبحت التعديلات على القانون ضرورة مُلحّة، خصوصاً في ضوء الضغوط الدولية”.
الحاج حسن
وذكّرت الحاج حسن في مقدمتها بأن “قانون السرية المصرفية شكّل منذ إقراره عام 1956 ركيزة لجذب الرساميل والاستثمارات، لكن مع تصاعد الأزمة المالية والاقتصادية منذ عام 2019 تحوّل القانون إلى أداة لتعطيل الشفافية والمحاسبة وشكّل بشكل أو بآخر غطاء للفساد، ومن هنا برزت الحاجة الملحّة لرفع السرية المصرفية وتحوّلت المسألة لمطلب وطني ودولي تحت عناوين مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة”.
وأشارت إلى “مسار طويل ومعقّد” لملف رفع السرية المصرفية “ارتبط بشكل وثيق بتضارب المصالح داخل السلطة”
ضاهر
وتحدث ضاهر عن سبب عدم إصدار قانون يقضي بإلغاء قانون السرية المصرفية بكل بساطة، فقال : “لقد عملنا في بداية عام 2020 خلال ولاية الوزيرة ماري كلود نجم على مشروع قانون من قبل وزارة العدل، وهو مقتضب بمادتين، تلغي الأولى السرية المصرفية وتُبقي الثانية على السرية المهنية، لكنّ هذا المشروع رُفض وطُلب دمج إقتراحات القوانين المقدمة من بعض النواب والكتل ضمن نص أوحد هو الذي سلك المسار العسير”.
واوضح أن “المستجد اليوم لا يتعلق برفع أو عدم رفع السرية المصرفية وتغيير النظام القائم كون هذا التعديل قد سبق وحصل عملياً على دفعات في السنوات 2010 و2016 و2022، فالموضوع ليس مسألة رفع أو عدم رفع السرية المصرفية في المطلق بل مجرد تعديل تقني لتدبير سبق أن أقرّه المجلس النيابي عام 2022 بموجب القانون الرقم 306 وهو على وجه التحديد إلغاء شرط صدور مرسوم ينظم الآلية بالنسبة للمعلومات التي يقتضي تسليمها إلى كل من المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع كما والسماح بإعطاء المعلومات دون تحديد حساب معين أو عميل معين بما في ذلك إصدار طلب عام بإعطاء معلومات عن جميع حسابات العملاء”.
ورأى أن الكلام عن أن رفع السرية المصرفية يؤثر سلباً على الإقتصاد ويعيق الإستثمار.
وذكّر بأن “السريّة المصرفية شكّلت كذلك على مرّ السنين عقبة رئيسية تحول دون تحصيل الضرائب على الأرباح الرأسمالية التي يحققها المقيمون في الأراضي اللبنانية سواء في الداخل أو في الخارج، الأمر الذي أدى إلى فقدان مصدر مهم آخر من مصادر الإيرادات، فضلاً عن التأثير المباشر للسريّة المصرفية على انخفاض الإيرادات المُحصّلة من رسوم الإِنتقال إذ تحظر السريّة المصرفية المراقبة الفعالة على الحسابات المصرفية التي تنتقل إلى الورثة سيما من خلال الحسابات المشتركة”.
وإذ لاحظ أن “كثراً يتساءلون والبعض يشككون في ما إذا كانت التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية ستقودنا إلى طريق الخلاص، أي ستقود إلى المحاسبة والمساءلة واسترداد الأموال”، شدّد على أن “هذه التعديلات هي في الواقع الوسيلة وليست الغاية. بمعنى آخر هي الإزميل في يد النحّات، وبالتالي المهم هو النحّات. هل النحّات سيقوم بالأمور المنتظرة منه، والمقصود بالنحّات المراجع والهيئات الرسمية التي يُفترض بها أن تحقق وتحاسب وتسترجع وتردّ الأموال بواجبها وبمعالجة ما هو مطلوب منا من قبل الفاتف”، كالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والقضاء المختص ووزارة المالية”. واضاف: “إذا قامت بالعمل المطلوب منها، يمكننا أن نأمل خيراً”.
فحيلي
أما فحيلي، فقال إن “الأزمة المصرفية التي اندلعت عام 2019 (…) أثبتت أن الثقة التي كانت موجودة بالقطاع المصرفي كانت هشة ومبنية على رمال متحركة أكثر مما هي مبنية على أسس صلبة”.
ووصف قانون تعديل قانون السرية المصرفية بأنه “قانون تدوير الزوايا، ورأى أن “التعديل في القانون لا يعدّل في الأداء إطلاقاً إذا لم يتم تحسين المناقبية المهنية وأداء المصرفيين الذين هم الممر الإلزامي لمحاربة الفساد”. وأشار إلى أن القانون الجديد “لم يتضمن أي شيء يضع المصرفي وخصوصاً رئيس مجلس الإدارة على الصراط المستقيم”.