الإعتداءات على “اليونيفيل”… لمصلحة من؟

كتب عوني الكعكي:

هذا السؤال يُطرح في جميع الأوساط، خصوصاً أن نظرة الناس والمجتمع الى قوات اليونيفيل هي نظرة محبّة خاصة، للدور الإنساني الذي تقوم به مشكورة عليه.

وهي قدّمت الكثير من الخدمات الطبّية والمساعدات الإنسانية التي تركت أثراً طيّباً عند أهالي الجنوب، خصوصاً المساكين الذين هم بحاجة الى مساعدات طبّية أو إنسانية.

بالفعل، عند كل حادث يقع ضد هذه القوات، تعلو الصرخة في جميع أنحاء البلاد استنكاراً، وهناك آلاف بيانات الشجب التي صدرت ضد أي عمل يقوم به المواطنون ضد اليونيفيل.

في الحقيقة، إن الأعمال التي يقوم بها البعض الذين يوصفون بأنهم عناصر غير منضبطة مستغربة ومستهجنة.. لأنهم معروفون، ونحن نعلم أن أي تحرّك ضد اليونيفيل هو عمل سياسي بامتياز. والمعلومات تقول إنّ هناك قوى سياسية هي التي تحرّك هؤلاء الذين يقومون بأعمال عدائية ضد اليونيفيل.. والمصيبة الأكبر أن الذي يحرّض هؤلاء هو الذي يستنكر أعمالهم.

على كل حال، لا بدّ من إعطاء بعض المعلومات عن اليونيفيل والأدوار التي يقومون بها.

عام 1978، قامت إسرائيل بعملية عسكرية ضد لبنان. والحقيقة أنها كانت ضد المسلحين الفلسطينيين الذين كانوا ينطلقون من لبنان للقيام بعمليات عسكرية ضد العدو الاسرائيلي، وكانت الطائرات الإسرائيلية تقوم بتدمير الأمكنة التي يصدر منها نار.

وبالمناسبة فإنّ الوجود الفلسطيني المسلح صار شرعياً عام 1969 بموجب «اتفاق القاهرة»، لذلك احتلت إسرائيل قسماً من جنوب لبنان وسلمته لجيش سعد حداد وعيّنته قائداً لـ «جيش لبنان الجنوبي» عام 1977، وبعد وفاته في عام 1984 تولى أنطوان لحد القيادة نفسها.

وأعود الى اليونيفيل لأقول إنها قوّة طوارئ دولية متعدّدة الجنسيات موقتة أُنشئت بقرار من مجلس الأمن.

وتعد اليونيفيل الوكالة الوحيدة التي تمتلك القدرة الفعلية على التنسيق والتحاور مع الأطراف المتنازعة في منطقة النزاع والتي من شأنها تهدئة الأوضاع، وتعزيز التواصل، وإرسال الرسائل بين الأطراف لمنع أي سوء فهم خطير، ودعوة الأطراف المتنازعة الى الإلتزام والإمتثال للقوانين الدولية التي تمنع أي أعمال أو تصرفات غير مسؤولة.

ومع الحرب التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان ومن ثم بقاعه وضاحيته الجنوبية والعاصمة بيروت. وبعد أن أكدت الحكومة اللبنانية على أن الحلّ الوحيد لإنهاء الحرب يكمن في المسار الديبلوماسي والتفاوض وتطبيق القرار 1701، عادت للأذهان فكرة قوات اليونيفيل والخط الأزرق، وقرار الأمم المتحدة 1701. فمَن هي اليونيفيل؟

أرسلت الأمم المتحدة قوات حفظ السلام الى الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة عام 1978 عقب الغزو الاسرائيلي لجنوب لبنان، كما ذكرنا، وتجدّد الأمم المتحدة تفويض هذه القوات سنوياً من خلال مجلس الأمن الدولي الذي يضم 15 عضواً.

وقد تمّ تعزيز مهام هذه القوة بعد حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.

كما تعمل قوات اليونيفيل في منطقة تمتد من نهر الليطاني شمالاً الى الخط الأزرق جنوباً. وتتألف البعثة من أكثر من عشرة آلاف جندي من 50 دولة. بالإضافة الى حوالى 800 موظف مدني. وتتمثل مهمتها في مراقبة وقف إطلاق النار، ومنع الأنشطة العسكرية في منطقة عملياتها.

وفي هذا السياق، فإنّ القرار 1701 يسمح لقوات اليونيفيل بمساعدة الجيش اللبناني في إبقاء منطقة العمليات خالية من الأسلحة والمسلحين غير التابعين للدولة اللبنانية.

ورغم جهود اليونيفيل، تستمر إسرائيل في انتهاك القرار 1701، بينما تدّعي الدولة العبرية أن حزب الله ما زال يحتفظ بأسلحة غير مشروعة خارج سيطرة الدولة.

وتستمر إسرائيل كذلك في انتهاك الأجواء اللبنانية باستخدام الطائرات والمسيّرات.

ويدّعي أنصار حزب الله أن هذه القوات، لم تكن يوماً لخدمة وحماية أهل الجنوب منذ عام 1978 بل هي قوات تتحكم بأغلبها إسرائيل وأميركا.

ومهما كانت التفسيرات والاجتهادات، فإنّ مهمة اليونيفيل يجب أن تُقدّر تقديراً كبيراً من المواطنين كافّة، واتهامهم لها بالانحياز لا يصب في مصلحة لبنان.

فإلى كل الذين يتطاولون على اليونيفيل أقول: كفاكم مواربة… فلمصلحة من تُقام مثل هذه الأفعال؟ فاتقوا الله.

aounikaaki@elshark.com