التّحالف الأميركيّ – السّعوديّ… ضمانة الشّرق الأوسط

بقلم إيمان شمص

«أساس ميديا»

يرى جيسون د. غرينبلات، مبعوثُ البيت الأبيض إلى الشرق الأوسط في إدارة الرئيس دونالد ترامب الأولى، أنّ الزيارة المرتقبة لوليّ العهد السعوديّ الأمير محمّد بن سلمان للبيت الأبيض تُشكّل لحظةً محوريّةً في العلاقات الأميركيّة ـ السعوديّة ومستقبلِ الشرق الأوسط. في ظلّ التوتّر العالميّ وحالة عدم اليقين الإقليميّ التي تعيشها المنطقة، تؤكّد هذه الزيارة من جديدٍ تحالفاً حيويّاً بالنسبة لأميركا وإسرائيل وشركاءِ المنطقة ولعالمٍ أكثر استقراراً وازدهاراً.

يقول غرينبلات، الذي عيّنه ترامب في كانون الأوّل 2016 في منصب “ممثّلٍ خاصٍّ مكلّفٍ بالمفاوضات الدوليّة” لمختلف القضايا، ولا سيما ما يتعلّق منها بالصراع الفلسطينيّ ـ الإسرائيليّ، إنّ الولايات المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة إحداهما بحاجةٍ إلى الأخرى. في منطقةٍ مهدَّدةٍ بعدوان النظام الإيرانيّ والإرهاب، وبانعدام الاستقرار في دولٍ مثل سوريا ولبنان، تعتمد قوّةُ أميركا على وجود شركاء أقوياء ومتقاربين في الفكر.

في رأي غرينبلات، تساعد الشراكةُ الدفاعيّةُ القويّة بين الولايات المتّحدة والسعوديّة على ردع الجهات المعادية، حماية خطوط الملاحة وتأمين إمدادات الطاقة العالميّة التي تغذّي الاقتصاد العالميّ. تحمي الدولتان معاً البحرَ الأحمر والخليجَ العربيّ، وتواجهان هجماتِ الطائرات المسيّرة والصواريخ التي تطلقها الميليشياتُ المدعومة من إيران، وتعملان على منع الانتشار النوويّ.

من شأن اتّفاق دفاعٍ رسميّ يربط التكنولوجيا والاستخبارات الأميركيّة بالنفوذ والموارد السعوديّة أن يعزّز هذا التعاونَ على المدى الطويل، وأن يُظهر استعدادَ الرياض لتقاسم عبءِ الأمن الإقليميّ وأنّ واشنطن لا تزال حليفاً موثوقاً به.

تحوّلات السّعوديّة

يعتبر غرينبلات أنّ المملكة، في ظلّ قيادة محمّد بن سلمان، تشهد أحدَ أكثرِ التحوّلاتِ طموحاً في التاريخ الحديث، إذ لم تعد مورداً عالميّاً للطاقة فحسب، بل أصبحت مركزاً للإبداع والتكنولوجيا والفرص، ووجهةً سياحيّةً واعدة. هذه الإصلاحاتُ، برأيه، بالغةُ الأهميّة بالنسبة للولايات المتّحدة. فالسعوديّةُ الحديثةُ الواثقة، التي تستثمر في شعبها وتحتضن الابتكار وتتحمّل مسؤوليّة أمنها، شريكٌ يمكن لأميركا البناءُ عليه.

يرى المبعوثُ الأميركيّ السابق إلى الشرق الأوسط أنّ محمّد بن سلمان لا يقتصر على قيادة بلاده نحو المستقبل فحسب، بل يُعيد تشكيلَ المنطقة بما ينسجم مع المصالح الأميركيّة والقيمِ المشتركة للتقدّم والاستقرار، مع احترامِ الهويّة الثقافيّة والدينيّة للمملكة.

يُشير غرينبلات إلى حزمةِ الاستثمار والتجارة بين الولايات المتّحدة والسعوديّة، التي أُعلنت أخيراً وبلغت قيمتها 600 مليار دولار، قائلاً إنّ هذه الشراكات تُسرّع بالنسبة للمملكة وتيرةَ التنويع والتحديث، فيما تُرسّخ بالنسبة للولايات المتّحدة تحالفاً حيويّاً، عبر فوائدَ ملموسةٍ للعمّال والشركات الأميركيّة، فالروابط الاقتصاديّةُ الأقوى تعزّز الروابطَ الجيوسياسيّة.

يعتبر أنّ اتّفاق الدفاع المقترح بالغ الأهميّة. لا يقتصر على ردع الخصوم فحسب، بل يضمن بقاءَ الخبرة والابتكار الأميركيَّين محوريَّين في البنية الأمنيّة للمنطقة، ويحافظ على التوافق بين الحلفاء، ويُعزّز الردعَ ضدّ النظام الإيرانيّ، ويطمئن الشركاء إلى أنّ أميركا لا تزال منخرطةً بشكلٍ كامل.

يركّز غرينبلات على أهميّةِ السعوديّة الآمنة والطليعيّة في تخفيف التوتّرات وفتح الباب أمام تعاونٍ أعمق مع الولايات المتّحدة في الاستخبارات والدفاع الصاروخيّ والأمن البحريّ، وفي الحفاظ على التوازن واستدامة التقدّم الدبلوماسيّ والاقتصاديّ.

أهمّيّة الشّراكة الأميركيّة – السّعوديّة

يكتب في مجلّة “نيوزويك” أنّه عندما تكون الشراكة الأميركيّة ـ السعوديّة قويّة، تستفيد المنطقة بأكملها. هذا الاستقرار مهمٌّ لِما هو أبعد من الشرق الأوسط، إذ إنّ تعثّر المنطقة ينعكس على سلاسل التوريد وكلّ جوانب الاقتصاد العالميّ. تعني الشراكةُ المتينةُ مع السعوديّة أزماتٍ أقلّ، بؤرَ اشتعالٍ أقلّ وقدرةً أكبر على التنبّؤ في عالمٍ يسوده عدم اليقين.

يخلص غرينبلات إلى القول إنّ اتّفاق الدفاع، الالتزاماتِ الاستثماريّةَ الشاملة والتحوّلَ الاجتماعيَّ الجاري في السعوديّة، كلّها تُشير إلى مستقبلٍ تظلّ فيه المملكة حليفاً موثوقاً في قلب منطقةٍ حيويّة، وشريكاً مستعدّاً للمساهمة في بناء عالمٍ أكثر أمناً وازدهاراً. ومع قيادة الرئيس ترامب ورؤيةِ وليّ العهد محمّد بن سلمان، نادراً ما بدا أفقُ السلام والتقدّم في الشرق الأوسط أكثرَ إشراقاً. التحدّياتُ كبيرة، لكنّ الفرصة أيضاً عظيمة، فعندما تتلاقى القيادةُ مع الشجاعة، حتّى أعقد المشكلات يمكنها أن تفسح المجال لوعدٍ بمستقبلٍ أفضل.

إيمان شمص