د. عماد فوزي شُعيبي
في كثير من الأحيان يتبع العامة وأغلب الخاصة من البشر النموذج الذي يحكم حياتهم سواء سياسيا أو اجتماعيا أو دينيا أو مؤسساتيًا… ويصل الأمر بهم أحيانا إلى الاقتداء به في إطار ما يسمى في علم النفس؛ “التماهي بالمتسلّط”، فيقلد الطفل أباه، أو يتبع المرء زعيمًا سياسياً، أو يسير العامة وراء رجل دين أو منظر فكريّ… فيكون ذلك (نمذجةً للتابع في صورة المتبوع ).
وعلى التوازي مع ذلك يكون في الانقلابات المعاكسة للمتسلط، وفقًا لطبيعته، أو نراها في مراهقة الشاب الرافضة للأب، ووفقًا لطبيعة الأب، أو في الانقلاب على المؤسسة الدينية … فيكون ذلك تبعية من نوع معكوس فهي حالات ليست (ذاتها)، إنما انعكاس بشكل عدواني على النموذج المرفوض؛ فيكون الأمر “نمذجة معكوسة”؛ لأن محور الصراع هو (الطرف الآخر). وفي هذا إستجابة للصراع معه، بمعنى التبعية وإن بوسائل أو بصورة أخرى!! أو بكلمة أخرى تكون طبعة الصراع (متنمذجة) على شاكلة موضوع الصراع! وتكون محكومة به، ولا تستطيع الخروج عنه باعتبارها (رد فعل عليه)!!! فهو يحكمها باعتباره (الفعل)!! وهي (المفعول به)؟
يمكن إحالة هذا التصور الذهني النفسي والفلسفي، إلى الصراعات التي تشهدها الدول؛ فإذا كان طرف أو دولة أو مشروع دولي يرسم لدولة أخرى الصراع ، وتدخل هذه الدولة في ذاك الصراع، ألا يكون في ذلك (نمذجة) تكون كامنة في الاستجابة لذلك الصراع؟ ويكون من استجاب للصراع مفعولٌ به لا فاعلًا في الصراع نفسه.
نقول ذلك إذا لم يكن هنالك إمكانية فعلية لتجنب الصراع!
إن التأمل في هذه الفكرة، يساعد على التأمل في مفهوم السلام على أنه (تجنب للنمذجة)، أي تجنب لوضعية المفعول به في الصراع والتحول إلى (فاعل) في السلام! هذا إذا لم يتنمذج السلام على شاكلة المنتصر؛ فشرط السلام أن يكون بصيغة رابح/رابح حتى لا يكون تنمذجًا على صورة المنتصر/العدو.
إنها مجرد فكرة لإعادة توصيف السلام في صراعات الحروب مثلاً، باعتباره تجنباً للنمذجة على شاكلة العدو، وإعادة تشكيل الموقف من (مفعول به) إلى (فاعل). بحيث يكون الموقف الفاعل أكثر نجاعةً على المستوى الاستراتيجي. بدلاً من الاستنزاف في صراع من موضع المفعول به.
قد لا تروق هذه الفكرة للوهلة الأولى، للعقل النمطي (stereotype ) الذي تحكمه حالة الحس المشترك (Common sense)، وما تم الاعتياد عليه. وهي محض فكرة فقط للتأمل. من خارج الصندوق، ووفق ما نسميه البجعة السوداء أو التفكير في ما ليس مفكرًا به.
وهي مجرد طرح لفكرة للحوار العاقل.
د. عماد فوزي شُعيبي