«الحزب » يصعّد سياسيا وإسرائيل عسكرياً وعون يردً: الرسالة وصلت

اتخذ التصعيد الميداني غداة كتاب حزب الله الموجه الى الرؤساء الثلاثة وشعب لبنان، متضمنا دروساً في كيفية مقاومة الدولة وقراراتها ومؤسساتها، وجهاً بالغ الخطورة ينذر بمضاعفات واسعة، إذ استعاد حقبة الحرب، مع توجيه الجيش الاسرائيلي انذارات الى عدد من القرى الجنوبية بوجوب اخلاء مواقع محددة قبل ان يغير عليها ويدمرها، ما خلّف حالا من الهلع بين السكان المدنيين.

قبل التصعيد العسكري الاسرائيلي كان تصعيد سياسي من حزب الله رفع وتيرة تحدي الدولة الى الذروة ساعات قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر امس في قصر بعبدا لمناقشة خطة الجيش حول حصر السلاح جنوب الليطاني وقانون الانتخاب في الشق المتصل باقتراع المغتربين. وفيما بدا ان اهم ما في الكتاب توقيته عشية وصول موفدين سعوديين ومصريين لبحث ملف التفاوض موجهاً رسالة للرئيس نبيه بري اولا بسحب التفويض منه ولبيئته ثانياً بأنه يرفض كل اشكال التفاوض ما دام مقاوماً، ضرب عرض الحائط قرارات ومواقف الدولة منظِّراً في ما يجوز ولا يجوز ان تتعاطى معه، بدءا بكلام رئيس الجمهورية جوزاف عون في شأن التفاوض ولا خيار غيره، اذ اعتبره انزلاقاً الى افخاخ ومكتسبات للعدو، وصولا الى قرار حصر السلاح بيد الدولة، “القرار الخطيئة”.

عملياً وبعيداً من محاولات التجميل، يبدو واضحاً ان العهد والحكومة امام الاستحقاق الاصعب منذ تسلمهما مسؤولياتهما ان في قرار حصر السلاح او في السجال الاعنف بين مكونين داخل مجلس الوزراء حول قانون الانتخاب، مستعيداً كل مناخ الاحتقان المعتمل بينهما، بينما طرحت مخاوف كبيرة من الا تتخذ الحكومة القرار الصائب وتثبت اهليتها للحكم فيغرق لبنان مجددا في المماطلة القاتلة لشراء الوقت وتقع الواقعة.

كتاب الحزب

صعّد حزب الله نبرته وأبدى تشددا غير مسبوق في موقفه من تسليم السلاح ومن الحرب والسلم ومن التفاوض. فقد وجه “حزب الله” كتابا الى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني، قال فيه ان “التورط والانزلاق إلى أفخاخ تفاوضية مطروحة، فيه المزيد من المكتسبات لمصلحة ‏العدو الإسرائيلي الذي يأخذ دائماً ولا يلتزم بما عليه، بل لا يعطي شيئاً. ومع هذا العدو ‏المتوحش والمدعوم من الطاغوت الأميركي لا تستقيم معه مناورة أو تشاطر. إن لبنان معني ‏راهناً بوقف العدوان بموجب نص إعلان وقف النار والضغط على العدو الصهيوني للالتزام ‏بتنفيذه، وليس معنياً على الإطلاق بالخضوع للابتزاز العدواني والاستدارج نحو تفاوض ‏سياسي مع العدو الصهيوني على الإطلاق، فذلك ما لا مصلحة وطنية فيه وينطوي على ‏مخاطر وجودية تهدد الكيان اللبناني وسيادته”. واشار الى ان “موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب أجنبي أو ابتزاز إسرائيلي وإنما يناقش ‏في إطار وطني يتم التوافق فيه على استراتيجية شاملة للأمن والدفاع وحماية السيادة الوطنية. ‏وليكن معلوماً لكل اللبنانيين أن العدو الإسرائيلي لا يستهدف حزب الله وحده، وإنما يستهدف ‏لبنان بكل مكوناته، كما يستهدف انتزاع كل قدرة للبنان على رفض المطالب الابتزازية للكيان ‏الصهيوني، وفرض الإذعان لسياساته ومصالحه في لبنان والمنطقة. وهو ما يتطلب وقفة ‏وطنية موحدة وعزيزة تفرض احترام بلدنا وشعبنا وتحمي سيادة لبنان وكرامته”. واعلن ان “بصفتنا مكون مؤسس للبنان الذي التزمناه وطناً نهائياً لجميع أبنائه، نؤكد حقنا ‏المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان والوقوف إلى جانب جيشنا وشعبنا لحماية سيادة ‏بلدنا، ولا يندرج الدفاع المشروع تحت عنوان قرار السلم أو قرار الحرب، بل نمارس حقنا ‏في الدفاع ضد عدو يفرض الحرب على بلدنا ولا يوقف اعتداءاته بل يريد إخضاع دولتنا”.

بري: لا حرب

وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري ذكر “بالتزام لبنان الكلي باتفاق وقف إطلاق النار المعلن في تشرين الثاني من العام الماضي”، مشددا على “الالتزام أيضاً بالآلية المعتمدة في لجنة “الميكانيزم”. وأشار إلى أنّ “في الإمكان الاستعانة بمدنيين اختصاصيين عندما تدعو الحاجة إلى ذلك” .

وقال بري في حديث لصحيفة “الجمهورية”: “ما أستطيع أن أقوله هو: لا حرب”، متسائلاً: “هل إسرائيل أوقفت حربها على لبنان؟”.

وأضاف: “ما قصدته بالاختصاصيين لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل أو تحريف، اختصاصيين يعني اختصاصيين، وهو ما يُعتمد في كثير من الحالات، أما في ما يُحكى عن المفاوضات، فلا مفاوضات مباشرة، وأنا شخصياً دخلت بمفاوضات مع آموس هوكشتاين وغيره، على مدى سبع سنوات ونصف السنة في موضوع الغاز البحري، وفي النتيجة وصلنا إلى اتفاق الإطار الذي وصلنا اليه مع إسرائيل. وكما سبق وقلت، هناك آلية معتمدة في “الميكانيزم”، ونحن ملتزمون بها””.

كما أعرب عن ارتياحه لانعقاد مؤتمر إعادة الإعمار في المصيلح، موضحًا أنّ “هذا الأمر يتطلّب متابعة من الجهات المعنية في الدولة، وإيلاءه الأهمية القصوى، وتوفير المستلزمات والإمكانات لإطلاق عجلة إعمار المناطق المتضرّرة جراء العدوان الإسرائيلي بصورة عاجلة”.

اسرائيل تستعد

في الاثناء، أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أنّ “الجيش الإسرائيلي يستعد لتدخل عسكري في لبنان بهدف إضعاف حزب الله”. وأشارت الى أنّ “التدخل الإسرائيلي في لبنان هدفه دفع الحكومة اللبنانية إلى توقيع “اتفاقية مستقرة” مع إسرائيل”. ونقلت القناة عن مسؤولين، قولهم: “لن يُسمح لحزب الله بتعزيز قوته ولن يعود إلى ما كان عليه في السادس من تشرين الأول 2023”.

بخاري وهيكل

 الى ذلك، وفي وقت افيد ان الموفد السعودي يزيد بن فرحان يصل اليوم الى بيروت، إستقبل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان، وليد بن عبد الله بخاري، في مقر إقامته باليرزة، قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل. وتناول البحث المستجدات الحاصلة في لبنان والمنطقة في ظل التطورات الراهنة، والإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في الجنوب لتعزيز الأمن والإستقرار في المنطقة.