بقلم عماد الدين أديب
في ذكرى مولد سيد الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، نطرح في هذا الزمن الصعب الذي يمر به العالم وتعاني فيه منطقتنا، السؤال التالي بكل صراحة وموضوعية وشجاعة: «هل كل من حارب أو خاض مع جماعات ترفع شعار الإسلام السياسي، فعل ذلك ملتزماً بقواعد سنة سيدنا محمد في الحرب والسلام»؟
القرآن الكريم والسنة المطهرة -قولاً وفعلاً- كلاهما خلق نموذجاً فريداً في قواعد الحرب ونظم المعاهدات منذ بعثة الرسول قبل نحو 1500 عام. هذه القواعد تقوم على قيم رفيعة ومبادئ إنسانية تسعى إلى تحقيق معادلة تطبيق العدل دون ضرر أو ضرار، وتسعى إلى الحفاظ على الحقوق والنفس الإنسانية بصرف النظر عن الفاعل أو المفعول به.
بالرجوع إلى أسماء الله الحسنى التي سمي بها العلي القدير في القرآن الكريم، نجد أنها تجمع ما بين: الرحمن والرحيم والغفور والشكور، وفي الوقت نفسه تضم القوي والمنتقم والجبار والقهار، وهو في الوقت ذاته الحكيم والعليم والعزيز والمعز والمعطي والنافع والكريم.
وكان رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام نبي الرحمة، إذ جاء في قوله تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»، وهي رسالة عبقرية توضح أهم صفة لهذا النبي الرسول على مر التاريخ، إنها «الرحمة» المرسلة للعالمين كافة، ولم يقصرها الله على جنس أو وطن أو طائفة.
ومن هنا أيضاً يمكن فهم تشديد سيد الخلق على مبدأ التسامح الإنساني في قوله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه».
وبناء على هذا الأمر الإلهي، أو هذه الإنسانية غير المسبوقة، نجد الرسول في التعاملات الحياتية كافة -وبالذات في الحرب والسلام- يحقق نموذجاً سامياً غير مسبوق؛ فهو يطبق أول مبدأ عملي في المعاملات: «ولا تعتدوا»؛ لذلك فهو قد نهى عن العدوان، وآثر السلام دائماً، وحينما اضطر للحرب، كان يقوم بالحرب العادلة غير معتد ولا باغ، مستخدماً الحد الأدنى من القوة، لا يسعى إلى استخدام قوة مفرطة.
وإذا عاهد الرسول عليه الصلاة والسلام، كان يفي بالعهود والمعاهدات، محترماً أشكال الصلح كافة، مراعياً مصالح المسلمين.
كان الرسول يوصي باحترام الأسرى والحفاظ عليهم ورعايتهم، وكان يمنع قتل غير المقاتلين، ويحض على تكريم النساء، ونهى عن المساس بالأطفال، وتخريب الزرع والعمران. هنا ونحن نعيش مرور 1500 عام على مولد الرسول نتساءل: هل ما قامت به «حماس» و«داعش» و«حزب الله» و«القاعدة» وكل من شاكلهم، كان مناسباً ومطبقاً لسنة سيد الخلق؟ سؤال صعب وجوهري.
عماد الدين أديب