كتب عوني الكعكي:
مساكين اللبنانيون الذين يتحمّلون مسؤولية عن سلاح ليس لهم يدٌ فيه. هذه هي الحقيقة التي لا يريد أحد أن يعترف بها.
وبالعودة الى 5 حزيران عام 1982 يوم أقدمت القوات الإسرائيلية على غزو لبنان، ووصلت الى بيروت بحجة القضاء على المقاومة الفلسطينية.
وبالفعل دام حصار بيروت مائة يوم، دخلت بعدها القوات الإسرائيلية الى بيروت بعد أن خرجت القوات الفلسطينية بقيادة «أبو عمار» وقوات القيادة الفلسطينية من بيروت بحراً الى اليونان.
حرب 1982 والاحتلال الإسرائيلي للبنان ولّد المقاومة اللبنانية التي أُنشئت لمقاومة الاحتلال.
استمرت الحالة لغاية إعلان إسرائيل في أيار عام 2000 عن انسحابها من لبنان، وكانت المرّة الأولى التي تنسحب فيها إسرائيل من أراضٍ عربية احتلتها بقوة السلاح، واعتبر هذا نصراً للبنان يسجّل له لأوّل مرّة في التاريخ.
المصيبة الكبرى أن لبنان لم يستفد من هذا الانتصار العسكري ليترجم الى نصر ديبلوماسي، لأنّ سوريا في ذلك الوقت كانت بحاجة الى «ورقة لبنان» لترسل منها رسائل الى إسرائيل، وكذلك والأهم أن الجمهورية الإسلامية في إيران كانت تعتبر هذا الانتصار انتصاراً لها، إذ بدأ زعماء إيران بدءاً من آية الله خامنئي يقول: إننا حققنا انتصاراً عسكرياً على إسرائيل.
عام 2006 أقدمت مجموعة من حزب الله على خطف جنديين إسرائيليين تحت شعار «استرجاع أسرانا»، فكانت النتيجة قتل وجرح 5000 مواطن وجندي وعناصر من حزب الله وخسائر مادية وصلت الى حدود الـ15 مليار دولار لإصلاح ما دمّرته إسرائيل من محطات الكهرباء الى الجسور الى قرى، أبادتها القوات العسكرية الإسرائيلية، وما فعلته بالضاحية الجنوبية. كل هذا جاء تحت شعار «تحرير أسرانا» وقول السيّد شهيد فلسطين «لو كنت أعلم».
الطامة الكبرى أن السيّد حسن نصرالله اتخذ قرار مساندة غزة في اليوم نفسه الذي بدأت قوات «طوفان الأقصى» عملية تاريخية بطولية خطفت 250 إسرائيلياً.
هذه العملية أدخلت لبنان في حرب مفتوحة مع إسرائيل، نتائجها كانت كارثية، إذ اعترف السيّد حسن أن هناك تفوّقاً إسرائيلياً هائلاً بالتكنولوجيا بين الحزب وبين العدو الإسرائيلي. ويكفي عملية «البيجر» التي دفع الحزب ثمنها 6000 عنصر من «قوة الرضوان» بين إصابة في العيون وفي الأطراف وفي الصدر وبين القتلى.
تلك العملية شلّت الحزب، وهي تعتبر أوّل انتصار عسكري إسرائيلي على حزب الله.
أما عملية اغتيال سيّد المقاومة السيد حسن ومعه كامل قيادته من الصف الأول، الى اغتيال ابن خالته السيّد هاشم صفي الدين، فهي تعتبر زلزالاً في تاريخ الحزب، وانتصاراً تاريخياً للعدو الإسرائيلي.
وظلّت الحال حتى التوصّل الى اتفاق رعته أميركا يقضي بوقف إطلاق النار، وسحب السلاح من جنوب الليطاني، والانسحاب أيضاً ضمن اتفاق جديد. بالتأكيد لم ولن تنفذ إسرائيل أي بند فيه، والأخطر أنه منذ تاريخ وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل قامت إسرائيل باغتيال 450 عنصراً من الحزب اصطادتهم كالعصافير بالمسيّرات والتقنية العالية التي تتمتع بها، بمعرفة الأشخاص من المعلومات التي حصلت عليها من المهرجانات التي كان يقيمها الحزب وخاصة في الخطابات التي كان يفتخر بها القائد حسن نصرالله، ويهدّد ويتوعّد إسرائيل… كل تلك المهرجانات كانت رسائل معلومات حصلت عليها إسرائيل وبدأت تنفذ عمليات الاغتيال على ضوئها، والأمثلة كثيرة.
اليوم هناك مطالبة عالمية من لبنان، بسحب سلاح المقاومة، والدولة عاجزة أن تنفذ جمع السلاح بالقوة، لأنها قد تضع البلاد في حرب أهلية لا يستطيع أحد أن يتحمّل أعباءها.
أمام هذا الواقع يُطرح سؤال بديهي: من يأمر باستعمال السلاح الموجود: الحزب أم إيران؟ طبعاً إيران.
وإيران تنتظر أن تبرم اتفاقاً مع أميركا في هذا الموضوع. لذلك من الظلم أن يتحمّل اللبنانيون جريمة السلاح الموجود، ولا يستطيعون اتخاذ أي قرار بشأنه.