يستعد أكثر من 20 مليون عراقي يحقّ لهم المشاركة في الانتخابات التشريعية، غدا الثلاثاء، للإدلاء بأصواتهم لاختيار 325 عضواً في مجلس النواب الجديد «البرلمان»، من مجموع نحو 8 آلاف مرشح في عموم مدن البلاد- بضمنها إقليم كردستان العراق، وسط إجراءات أمنية مشددة.
ومنذ سقوط نظام صدام حسين، شارك العراقيون في سلسلة عمليات انتخابية، ابتدأت عام 2005 الذي شهد اختيار 275 عضوا في الجمعية الوطنية الانتقالية «مجلس النواب العراقي المؤقت»، ثم التصويت على الدستور الدائم للبلاد.
وفي الأعوام 2010 و2014 و2018 صوّت العراقيون لممثليهم في «مجلس النواب/ البرلمان»، في ثلاث دورات متتالية، عمّر كل واحدة منها أربع سنوات، قبل أن يحدث تغيير في القاعدة على خلفية تقديم رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، استقالته من الحكومة نهاية كانون الأول 2019، امتثالاً لضغط احتجاجات تشرين الأول.
ومع تسلّم خلفه مصطفى الكاظمي دفّة الحكم في نيسان 2020، قرر الأخير إجراء انتخابات مبكّرة في 10 تشرين الأول 2021، أفضت إلى اختيار محمد شياع السوداني رئيساً للوزراء.
انتخابات 2025
في الانتخابات التشريعية هذه، وثّقت معلومات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مشاركة 21.404.291 ناخب في التصويتين العام 20.063.443 والخاص 1.313980 والنازحين 26.538.
أما عدد مراكز التصويت العام فتبلغ 8.703 مراكز، بواقع 39.285 محطة، فيما يبلغ عدد مراكز التصويت الخاص 809 مراكز، بـ4.501 محطّة، مقابل 97 مركزاً انتخابياً مخصصا للنازحين، يضم 321 محطّة.
ووفق بيانات مفوضية الانتخابات فإن عدد المرشحين الكلي بلغ 7744 مرشحا، مشيرة في الوقت عينه إلى إن عدد المرشحين المستبعدين من السباق الانتخابي بلغ 848 مرشحا.
وصدر عن هؤلاء المرشحين 1682 انتهاكاً للدعاية الانتخابية خلال شهرٍ واحد، حسب مختصين، أكدوا إنها توزعت على: 487 استغلال مؤسسات الدولة، و458 دعاية مبكرة، و441 اعتداءً على دعاية الآخرين، و354 خطاب كراهية، و71 شراء أصوات، و57 اعتداءات جسدية.
وفي زاوية أخرى، أنفق هؤلاء المرشحون نحو مليوني دولار على تمويل حملاتهم الدعائية في منصّات التواصل الاجتماعي التابعة لشركة «ميتا» فقط.
ووفقاً لبيانات الشركة المالكة لمنصات «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» و«سناب شات»، فقد تم تمويل منشورات سياسية في العراق بقيمة مليون و808 آلاف و957 دولاراً، وذلك في الفترة الممتدة من انطلاق الحملة الانتخابية للبرلمان العراقي في 3 تشرين الأول وحتى 1 تشرين الثاني الجاري.
وتصدّرت العاصمة بغداد بقية المدن العراقية من حيث حجم المبالغ المنفقة على تمويل المنشورات السياسية .
رغم ضبابية المشهد السياسي في العراق، وانشغال جميع الأطراف بالحملات الدعائية والانتخابات، يبرز سؤال بشأن شكل الحكومة الجديدة، قبل طرح سؤال آخر عن هوية رئيس الوزراء المقبل؟
سيناريوهات عدّة تتكأ جميعها على نتائج الانتخابات، وما يحققه كل حزب من مقاعد نيابية، قبل الانتقال إلى خطوة التحالفات لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر. وفي قراءة سريعة لجمّلة مواقف وقرارات حدثت خلال تشرين الأول ومطلع تشرين الثاني، تمثلت بقرار فصيلين شيعيين مسلحين «كتائب حزب الله» و«كتائب سيد الشهداء» الانضمام إلى مسيرة العمل السياسي وتقديم مرشحين للمشاركة في الانتخابات، ناهيك عن تعيين مارك سافاي، مبعوثاً للرئيس الأميركي إلى العراق، وتصريحاته بشأن إنهاء النفوذ الإيراني في العراق، كلها مؤشرات على حكومة عراقية جديدة «شيعية» براغماتية أقرب إلى واشنطن من طهران.
وحسبما يقول تقرير معهد «نيولاينز» الأميركي، فإن هناك عدداً من الشخصيات التي يُتوقع أن تلعب دوراً في رئاسة الحكومة المقبلة، من ضمنها محمد شياع السوداني، إلى جانب أسماء أخرى مثل قاسم الأعرجي، وأسعد العيداني، وعدنان الزرفي، من دون تحديد المرشح الأوفر حظاً، نظراً للطبيعة المتقلبة للمشهد السياسي بعد الانتخابات.
ويرى التقرير أن تشكيل الحكومة العراقية المقبلة «مرتبط بشكل مباشر بالتوازنات الداخلية بين الفصائل والكتل السياسية، وبدرجة كبيرة بتأثير القوى الإقليمية والدولية، خصوصاً الولايات المتحدة وإيران وتركيا ودول الخليج».