لم تكتف إسرائيل بالتجويع الممنهج الذي تفرضه على الفلسطينيين بقطاع غزة وسحقهم بين أنياب مجاعة كارثية، بل إنها تمضي نحو استخدام سلاح جديد لا يقل فتكا بالإنسانية وهو التعطيش، وتعلن ذلك على مرأى ومسمع العالم.وخلال الإبادة الجماعية المستمرة منذ 22 شهرا دمر الجيش الإسرائيلي معظم آبار المياه وأوقف محطة التحلية، ليواجه الفلسطينيين عطشا حادا، مع اعتماد شبه كامل على الكمية المحدودة جدا الواصلة من خط “ميكروت” الذي تتحكم به تل أبيب.
تحت وطأة هذا الواقع المأساوي، تبحث الحكومة الإسرائيلية تقليص ما تبقى من كميات المياه المتدفقة إلى شمال القطاع، في خطوة تضاف إلى مخطط تهجير الفلسطينيين قسرا ضمن خطة إعادة احتلال غزة بالكامل.
وبالتزامن مع ذلك، تدرس الحكومة إصلاح خطي مياه متجهين إلى جنوب القطاع، لدفع الفلسطينيين على النزوح من مدينة غزة للبحث عن المياه، بما يسهل تنفيذ مخطط التهجير، وفق هيئة البث العبرية.
ويأتي التلويح بتقليص المياه عن مدينة غزة مع انهيار شبه كامل لمنظومتها المائية، كجزء من خطة أوسع لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبًا.
ويتزامن ذلك مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس المصادقة على خطة عسكرية لاجتياح المدينة وتهجير سكانها، تحت مسمى “عربات جدعون 2”. وبجانب التجويع ومنع المساعدات، تستخدم إسرائيل التعطيش سلاحا إضافيا في الإبادة الجماعية، إذ دمّرت معظم آبار المياه وأوقفت محطة التحلية.
متحدث بلدية غزة حسني مهنا، قال لـ”الأناضول” إن المدينة تشهد انهيارا شبه كامل في بنيتها المائية بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي 56 بئرا بشكل كلي، فيما توقفت آبار أخرى نتيجة نقص الوقود وغياب الصيانة.
وأشار إلى أن الناس باتوا يعتمدون بنسبة 70 بالمئة على خط مياه “ميكروت” الخاضع لتحكم إسرائيل، في حين لا توفر الآبار المتبقية سوى 30 بالمئة فقط من الاحتياج الفعلي.