كتب عوني الكعكي:
كشفت تقارير إعلامية، أنّ الرئيس الاميركي دونالد ترامب، قدّم عرضاً جديداً لإيران، بشأن برنامجها النووي كفرصة أخيرة، لإحياء التفاوض حول برنامجها النووي.
ونقلت «قناة 24» الإسرائيلية، عن مسؤول أميركي قوله: «إنّ دونالد ترامب وضع إيران أمام فرصة أخيرة، وطلب منها الاستجابة لما قدّمه سابقاً حول البرنامج النووي الذي تعتمده حالياً».
وتابع المسؤول الأميركي: «ربما يكون العرض مختلفاً قليلاً عن العرض السابق، لإعطاء الإيرانيين شعوراً جيداً، لكن المبادئ ستبقى: لا تخصيب ولا برنامج نووي».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» ووكالة «رويترز» قد ذكرتا أنّ طهران طلبت عبر وسطاء عرب، الضغط على ترامب لاستخدام نفوذه للضغط على إسرائيل للموافقة على وقف فوري لإطلاق النار، مقابل أن تبدي إيران مرونة في المفاوضات النووية.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إنّ اتصالاً هاتفياً واحداً من واشنطن، يكفي لوقف الحرب الإسرائيلية وتمهّد الطريق للعودة الى الديبلوماسية.
الفرصة الأخيرة التي منحها ترامب لإيران، فاجأت الكثيرين، إذ حمل القرار الخيبة للجهات المستعجلة على ضرب منشأة «فوردو الإيرانية».
وأشارت مصادر سياسية تسرّبت من واشنطن، الى أن المهلة الأميركية الأخيرة هذه، على أساس أنه أمام طهران 14 يوماً لتتخذ قرارها بشأن التفاوض من عدمه، وأنّ ترامب يرى أنّ على طهران أن تنتهز هذه الفرصة، فتقدّم تنازلات خلال هذه المهلة.
وتأتي المهلة الأميركية، لإفساح المجال للتفاوض، حيث يجتمع وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي، لإجراء محادثات نووية بجنيڤ (المحادثات بدأت أمس الجمعة)، إضافة الى مفاوضات بريطانية ـ أميركية في واشنطن.
وتأتي هذه الفرصة الأخيرة، بعد أيام من القصف الإسرائيلي لإيران، وإطلاق الصواريخ على تل أبيب ومدن أخرى، وفي وقت تجد الولايات المتحدة نفسها فجأة على شفا تورّط في صراع كبير في الشرق الأوسط.
إنّ المتأمل بأسباب منح ترامب الفرصة الأخيرة لإيران للعدول عن موقفها المتعنّت يؤكد ما سبق وقلناه مراراً عن سياسة دونالد ترامب الجديدة في ولايته الثانية. فسياسته قائمة على إنهاء النزاعات، والحدّ من التدخل الأميركي في مجموعة من القضايا المتعلّقة بشؤون الدول الأخرى.
وبالرغم من التزام الولايات المتحدة الراسخ بالدفاع عن إسرائيل، إلاّ أنّ واشنطن عانت كثيراً من السياسات التي اتبعتها إدارة جو بايدن السابقة، ومنها فشل إدارة بايدن في الضغط بفعالية على إسرائيل، لإنهاء مذبحتها المستمرة للفلسطينيين في غزة، وتعدّياتها وانتهاكاتها واسعة النطاق للفلسطينيين في الضفة الغربية. كما كان من الواضح ضعف وتناقض جهود واشنطن في متابعة «حلّ الدولتين» للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
والمتتبّع لشخصية الرئيس الأميركي، الواثق من أقواله، المصرّ على تنفيذ قناعاته، يعرف تماماً أنّ ترامب أرسل التحذير الأخير لإيران، كرهاً منه لإقحام بلاده في أتون الحرب، لكنه في الوقت نفسه مصرّ على تراجع إيران عن موقف التخصيب الذي سيؤدي -حسب قناعاته- الى إنتاج سلاح نووي غير سلمي.
ومما يعزّز إصرار ترامب على هدفه في وقف التخصيب، وإعطاء إيران الفرصة الأخيرة، ما كشفه ديبلوماسيون أميركيون أنّ ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، تحدّثا هاتفياً عدة مرّات، منذ بدء إسرائيل هجماتها على إيران، في محاولة للتوصّل الى نهاية ديبلوماسية للأزمة.
وهنا أذكّر بما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في اليوم السادس من المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، بأنّ صبره مع إيران قد نفد. كما أذكّر بما تميّز به ترامب دائماً، من خلال تنفيذه وعده ووعيده. فهو منح إيران في السابق مهلة مدتها ستون يوماً للتوصّل الى اتفاق. ولكن إيران لم توقّع معه اتفاقاً، مما أدّى الى تعرّضها للهجوم الإسرائيلي في اليوم الحادي والستين ومن ثم بدء الحرب.
كذلك، نتذكر ما قاله ترامب في اليوم الخامس للحرب، حينما وجه خطابه للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي قائلاً: «نحن نعرف مكانك ولكننا لن نقتلك، على الأقل ليس الآن».
خلاصة القول: إنّ الرئيس دونالد ترامب كان واضحاً وصريحاً خلال تولّيه رئاسته الثانية، مع أنصاره وخصومه على حدّ سواء، بأنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وبأنّ الولايات المتحدة لن تكون آمنة أبداً إذا امتلكت إيران ذلك السلاح. أي أن الولايات المتحدة أولاً، تعني ما تعنيه من منع إيران بكل الوسائل من امتلاك سلاح نووي.
ماذا يعني كل هذا؟
بصراحة الموقف واضح:
أولاً: ترامب مصرّ على موقفه من منع إيران امتلاك سلاح نووي.
ثانياً: إنه لا يريد توريط الولايات المتحدة الأميركية في حرب واسعة النطاق، وهو الذي وعد شعبه بتحقيق السلام في العالم.
ثالثاً: نصيحة نوجهها الى مرشد الثورة السيّد علي خامنئي وقادة الجمهورية الإسلامية، أخذ مبادرة الرئيس الاميركي دونالد ترامب بجدّية… فالرجل، كما ظهر في مواقفه السابقة، فعّال لما يَعِد به ويخطط له… وهو جدّي بإعطاء إيران الفرصة الأخيرة.. فهل تتلقفها إيران وتنتهي المنطقة من حرب، عرفنا كيف بدأت، ولكننا لا نعرف أبداً كيف تنتهي؟