الكل ينتظر الكل. انه واقع حال جميع المعنيين بملف حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية في الداخل كما في الخارج. وهو ما يُفسر المراوحة التي يقبع في ظلها، على رغم اصرار العهد، حكومة ورئيساً، على تنفيذ القرار الوارد في خطاب القسم والبيان الوزاري وعدم تفويت مناسبة للتأكيد على تطبيقه.
اول الاستحقاقات بعد عشرة ايام بالتمام ، يتصل ببدء تسليم السلاح الفلسطيني في ثلاثة مخيمات في بيروت. بيد ان شكوكاً كثيرة ترتسم في الافق حول امكان اقران القول بالفعل، في ضوء جملة عوامل تتداخل الى درجة التعقيد. ومع ان مخيمات بيروت، بحسب ما تفيد مصادر امنية “المركزية” لا تواجد فيها لحركة حماس والتنظيمات الاسلامية المسلحة ولا وجود لسلاح من العيار الثقيل ولا حتى المتوسط، انما الخفيف وهي بيئة فقيرة وتشكل في جزء واسع منها بؤرا للمخدرات وتجارتها ومرتعاً للمخلين بالأمن، الا ان ضبطها امنيا ينتظر قرارا سياسيا ما زال العمل جاريا لتوفيره، متوقعة ان يتأخر موعد التطبيق بضعة ايام على الارجح، اي الى ما بعد 15 حزيران بقليل. واذ تبقى مخيمات الشمال والبقاع في البداوي وبعلبك الى المرحلة الثانية، علما ان مخيم البداوي اصعب من الجليل في بعلبك، يبرز التحدي الاكبر في مخيمات الجنوب، ولاسيما في عين الحلوة، مخيم الشتات الجامع كل التناقضات الامنية والعسكرية والسياسية، وسحب سلاحه لن يكون بالسهولة التي يتوقعها البعض او بالاستناد الى مواقف تطلقها حركة فتح ورئيسها وموفدها عزام الاحمد الموجود في لبنان، انما بقرار سياسي لبناني واقليمي.
وفي انتظار القرار الكبير من الداخل والاقليم بتسوية اوضاع المخيمات الفلسطينية عسكرياً، علما ان الجيش اللبناني سيتولى المهمة، وقيادته تنشط على الخطوط الاقليمية والدولية بحثا عن الدعم اللازم لتمكينه من بسط سيطرته على كامل الاراضي اللبنانية بعد سحب كل السلاح، وفي انتظار مده بالدعم لا سيما من واشنطن وعدد من الدول العربية، تبقى الانظار متجهة الى سلاح حزب الله، المجموع بنسبة 90 في المئة جنوب الليطاني، بحسب المصادر، بالتعاون بين الجيش وقوات اليونيفيل التي تجهد في تحديد مواقع مخازنه من دون اي تنسيق مع حزب الله، على ما تؤكد.
وفي السياق، تكشف اوساط وزارية معنية بالشأن الامني لـ”المركزية” عن اجراءات تنفذها الحكومة من دون الاعلان عنها، اذ تفضل معالجة الملفات الامنية خصوصا الحساسة منها بعيدا من الأعلام. وتؤكد ان واشنطن وباريس راعيتي تنفيذ وقف اطلاق النار في جنوب لبنان على معرفة واطلاع بهذه التدابير، ومثلهما اسرائيل عبر لجنة الاشراف على تنفيذ الاتفاق، وان التعاون والتنسيق مستمران بين لبنان والجانبين الأميركي والفرنسي. فالاول يزود لبنان بالمعدات اللازمة لإتلاف السلاح الذي تتم مصادرته بعد ان يأخذ منه الجيش ما يناسبه. والثاني يتابع عن كثب الاتصالات السياسية في هذا الشأن. ولا يقتصر التنسيق على البلدين، بل يمتد الى قوات حفظ السلام، اليونيفيل، التي تزود الجيش بالأحداثيات حول مخازن ومستودعات السلاح والانفاق، ليعمل بدوره على دخولها والتصرف فيها وفق المقتضى.
وتوضح الاوساط ان الجيش يداهم ويصادر ويتلف السلاح، الا انه يحتاج الى مساعدة تقنية لتنفيذ ذلك نظرا لحساسية ودقة بعض الاسلحة، وهو يصر على التلف خوفا من الاستخدام في ما لو تغيرت المعادلة، وفي انتظار ان يأتيه الدعم التقني الخارجي والتسهيل الداخلي المتأتي من جانب حزب الله المنتظر قرارا ايرانياً يبدو رهن نتائج المفاوضات النووية، ولو ان مواقف وزير الخارجية عباس عرقجي اوحت بليونة غير مسبوقة، تختم الاوساط بالقول “ان عام 2025 هو عام تنفيذ احتكارالسلاح اللبناني والفلسطيني والايراني بيد الدولة، فلا سلاح خارج الشرعية بعد العام 2026”.