كتب عوني الكعكي:
صحيح أن العالم كله يطالب لبنان بنزع سلاح حزب الله وتسليمه للجيش اللبناني.
والصحيح أيضاً، أن الجيش اللبناني قد قام بنزع كل سلاح للحزب في جنوب نهر الليطاني، وفكّك كل القواعد العسكرية والأنفاق حيث يمكن القول إنّ لبنان نفّذ القسم الأول من اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين لبنان وإسرائيل والذي دخل حيّز التنفيذ في يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني (نوڤمبر) عام 2024.
كل هذا صحيح، ولكن الأصح، أن إسرائيل تغتنم فرصة انتصارها على الحزب لتحقق المزيد من السيطرة على لبنان وعلى سوريا…
والسؤال: ماذا عن الضربة التي وجهتها إسرائيل ليلة عيد الأضحى، مدّعية أن هناك مصنعاً لتصنيع مسيّرات في المكان الذي دمّرته أي في 9 أبنية، ليتبيّـن بعد أن قام الجيش اللبناني بعملية تفتيش في الأبنية التي تدّعي إسرائيل وجود مصنع لتصنيع المسيّرات فيها أن هذا كله كذب بكذب. طبعاً هذه ليست المرّة الأولى التي تكذب فيها إسرائيل، خصوصاً أن تاريخها قائم على الأكاذيب بدءاً بادعائها بأنّ أرض فلسطين تاريخياً هي لليهود وهي «أرض الميعاد».
على كل حال، ليس الضغط الذي يمارس على لبنان هو من إسرائيل فقط، بل إن هناك ضغوطات من لبنان تمارس على رئيس الجمهورية وعلى رئيس الحكومة، إذ اتهما بأنهما يسايران «الحزب».
الحقيقة أن موقف الرئيسين عون وسلام، هو موقف وطني ينطلق من مبدأ أن تنفيذ هذا الموضوع يجب أن يحل بطريقة حبّية، خصوصاً أن القوة في هذا الموضوع قد تؤدي الى حرب أهلية، وهذا ما يحرص الحكم على عدم حدوثه ويحاول الحكم تجنّبه.
صحيح أيضاً أن الحزب يربط سحب السلاح بطلبين: أولاً: الانسحاب من 5 نقاط لا تزال إسرائيل تحتلها.
ثانياً: تسليم الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل.
ثالثاً: إعادة بناء ما هدّمته إسرائيل.
المصيبة أن الدولة اللبنانية تعاني من أزمة مالية كبرى انعكست على المصارف التي كانت من أهم المصارف في العالم.. ولكن بسبب أنها استدانت من مصرف لبنان حوالى 95 مليار دولار، وهذه الأموال استدانتها الدولة عبر مصرف لبنان بموجب كتاب من الحكومة الى وزير المالية يطلب فيها تأمين مبلغ على سبيل المثال: 100 مليون دولار للكهرباء، والكتاب موجّه من وزير المالية الى حاكم مصرف لبنان الذي بدوره كان يصدر سندات خزينة بفوائد مغرية للحصول على المال. هذا جزء أساسي من الكارثة المالية التي عانى منها القطاع المصرفي ولا يزال يتحمّل تداعياتها.
البند الثاني، أن الدولة تعاني عجزاً سنوياً في الموازنة منذ عام 1975، أيام كان الرئيس كميل شمعون وزيراً للمال.
كل هذا أدّى الى انهيار القطاع المصرفي. أما المساعدات التي اعتاد لبنان على تسلمها فللأسف فإنّ الأمور تغيّرت والعالم لا يريد أن يساعد لبنان إلاّ بعد تسليم سلاح حزب الله.
أمام عدم قدرة الدولة على المساعدة في إعادة إعمار ما هدمته إسرائيل في لبنان من ناحية، ومن ناحية ثانية عدم إعطاء لبنان أية مساعدات من الدول العربية ودول العالم، يقف النظام منتظراً أن تُفرج من مكان ما.
قدّمنا هذا العرض، لا للدفاع عن حكامنا بل لنشرح الوضع الحقيقي لواقع الدولة.
أمّا الذين يهدّدون ويتوعّدون، فنقول لهم: لا يُبنى البلد بالنكايات ولا بشعارات غير قابلة للتنفيذ… إنما يُبنى البلد بالتفاهم والتعاون بين الحكم وبين كل أطراف المجتمع في لبنان، والتوقف عن النظريات التي لا تفيد.
كلمة أخيرة، هي أن كل ما قلناه ليس إلا أعذار، لأنّ الحقيقة أن نظام ولاية الفقيه هو الذي يمنع الحزب من تسليم السلاح، بل هو يربط موضوع السلاح بالمفاوضات الجارية على النووي الايراني ونتيجة المباحثات مع الولايات المتحدة.