بقلم ابراهيم ريحان
«أساس ميديا»
شاركَ كوشنير مع رئيس الوزراء البريطانيّ الأسبق توني بلير في صياغة المُقترَح الأخير الذي أبدى الرّئيس الأميركيّ تفاؤلهُ بأن يؤدّي إلى وقف الحرب. لكنّ هذا المسار كانَ نتاجَ دراساتٍ قامَ بها توني بلير وفريق عمله مع كوشنير لكلّ المُقترحات السّابقة التي قدّمها ويتكوف من أجل صياغة مُقترحٍ من “النّقاط المُشتركة” يكونُ نهائيّاً ويؤدّي إلى وقفِ الحرب.
يذكرُ مصدر دبلوماسيّ غربيّ لـ”أساس” أنّ كوشنير وبلير عملا منذ شهر حزيران الماضي على صياغة المُقترَح، ثمّ عرضاه على الرّئيس الأميركيّ في اجتماعٍ عُقِدَ في البيت الأبيض وضمّ إلى جانب ترامب وبلير وكوشنير وزير الخارجيّة ماركو روبيو وستيفن ويتكوف وأعضاء من فريق ترامب للأمن القوميّ.
لم يلحظ المُقترَح في بداية الأمر أيّ إشارة إلى إقامة الدّولة الفلسطينيّة أو تسليمِ إدارة القطاع للسّلطة الفلسطينيّة. لكنّه اصطدَمَ لاحقاً بموقفِ الرّياض والقاهرة اللتين أصرّتا على أنّ دعمَ المُقترَح لن يكون من دون تلبية الشّروط العربيّة. هذا ما دفع كوشنير وبلير إلى تحديد مهلة مهمّة “الهيئة” (غيتا GETA، أي “السلطة الانتقالية الدوليّة في غزّة”)، التي ستُسلّم لاحقاً إدارة غزّة إلى السّلطة الفلسطينيّة بعد قيامها بإصلاحات. تؤكّد المعلومات أنّ الدّول العربيّة أكّدت أنّها ستتعاون مع رام الله لإنهاء الاصلاحات المطلوبة في أسرعِ وقتٍ ممكن.
كانَت شروط الدّول العربيّة تنطبقُ أيضاً على مشاركتها في أيّ قوّاتٍ لضبطِ أمن غزّة خلال مهلةٍ مُحدّدة تُسلّم بعدها مهمّة أمن القطاع لقوّات فلسطينيّة رسميّة يُساهم العرب في تمويلها وتدريبها وتجهيزها.
توني “بريمر”؟
تُؤكّد المصادر أيضاً أنّه طوال الأشهر الماضية لم ينقطع توني بلير عن زيارة تل أبيب لبلورة الخطّة. يكشفُ مصدر دبلوماسيّ عربيّ لـ”أساس” أنّ الدّور المطروح لتوني بلير في غزّة يُشبه تماماً الدّور الذي تولّاه الحاكم المدنيّ للعراق بعد إسقاط جورج بوش الابن وتوني بلير لنظام صدّام حسين عام 2003. الهيئة التي سيرأسها بلير ستحكُمُ القطاعَ وتُشرف على إعادة الإعمار لمدّة تراوح بين 3 إلى 7 سنواتٍ، بالتنسيق مع حكومة تكنوقراط من الشّخصيات الفلسطينيّة. وستُشرف السّلطة الفلسطينيّة خلال هذه المُدّة على تنفيذ “إصلاحات” إلى حين قدرتها على تولّي زمام الأمور في القطاع.
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب لقائه نتنياهو الإثنين أنّه سيرأس لجنة إدارة غزّة، لكنّ من سيدير الهيئة فعلياً هو توني بلير. لكنّ اختيار ترامب لرئاسة اللجنة جاء بعد تحفّظات عربيّة على رئاسة بلير نظراً لدوره في العراق عام 2003، ولأنّه شخصيّة غير محبّذة عند الرّأي العامّ العربيّ.
يشير المصدر إلى أنّ ترامب اقترحَ على القادة العرب تولّي قوّة إقليميّة أمن القطاع إلى حين جهوزيّة قوّات الأمن الفلسطينيّ الرّسميّة لذلكَ. وتشمل الدّول المُقترَحة: جمهوريّة مصر العربيّة، المملكة الأردنيّة الهاشميّة، المملكة العربيّة السّعوديّة، دولة الإمارات العربيّة المُتّحدة، وبشكلٍ أقلّ قوّاتٍ من دولة قطر. وستكون هذه القوّات تحتَ مُسمّى “قوة استقرار دولية مؤقتة (ISF) للانتشار الفوري في غزة”.
تبدو خطّة ترامب – بلير – كوشنير طموحة، لكنّها قد تصطدم بالموقف الدّاخليّ لرئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو الذي كرّرَ عقبَ لقائه ترامب رفضهِ إقامة دولة فلسطينيّة أو حتّى التعهّد بمسار للوصول إلى ذلك. كما أنّ حليفيْه في الائتلاف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش يرفضان الانسحاب من غزّة وشنّا هجوماً إعلاميّاً على نتنياهو بسبب اعتذاره عن ضرب الدّوحة. يأتي في الوقت عينه تُظهر الخطّة أنّ ترامب ذكر للمرّة الأولى الدّولة الفلسطينيّة على الرّغم من عدم تطرّقه يوماً إلى “حلّ الدّولتَيْن”، وهذا يُشكّل نقطة تحوّل في موقف الرّئيس الأميركيّ.
إلى ذلكَ توجد عقدة “حماس” وسلاحها. إذ لم تُعلن “الحركة” صراحةً استعدادها للتخلّي عن السّلاح. لكنّ الدّوحة وأنقرة تعملان على تغيير موقفها، وقد تقبل الحركة بالتّخلّي عن السّلاح مُقابل سلامة أفرادها ووقف الحرب وانسحاب إسرائيل الكامل من غزّة ووقف ضمّ الضّفّة. ولا تزال أطراف وازنة في الحركة مُتشدّدة حيال حكم الحركة لغزّة، خصوصاً أنّ تسليم السّلاح وإقصاءها عن حكم غزّة بشكلٍ علنيٍّ سيُشكّلان خسارة سياسيّة كبيرة لها لا يمكن تعويضها.
ابراهيم ريحان