دمشق- الدّوحة: هل تُصلح الكهرباء ما أفسدته السّياسة؟

بقلم ابراهيم ريحان

«أساس ميديا»

هل من توتّر على خطّ دمشق – الدّوحة؟ وما هي الأسباب التي أدّت إلى فتورٍ في العلاقة بين سوريا وقطر؟

لا يحتاجُ المُراقبون إلى الكثير من التدقيق ليُدركوا أنّ العلاقة بين دولة قطر والإدارة السّوريّة برئاسة أحمد الشّرع ليسَت في أحسن أحوالها. يتجلّى هذا في الانتقادات “النّاعمة” التي تُوجّهها وسائل إعلام تدور في فلكِ الدّوحة إلى الإدارة السّوريّة.

 أسباب التّوتّر

يكمنُ السّرّ في الفتور المُستجدّ بين دمشق والدّوحة في عدّة أسباب لخّصها مصدرٌ سوريّ لـ”أساس” كالآتي:

  • مع تشكيل الحكومة السّوريّة، كانت الدّوحة تتوقّع من الرّئيس السّوريّ أحمد الشّرع أن يولي المُقرّبين منها وزارات أساسيّة مع استعدادها لمدّ الوزارات بكلّ ما تحتاج إليه من أموالٍ وخبراتٍ وتقنيّات. أحدُ هذه الأمثلة كان الدّعم الذي تُقدّمه قطر لوزارة الإعلام التي يتولّاها حمزة المُصطفى. إذ ساهمَت الدّوحة بشكلٍ كبيرٍ في إعادة ترتيب الإعلام السّوريّ الرّسمي وإطلاق “الإخباريّة السّوريّة” بحلّة جديدة وتجهيزها بكلّ ما تتطلّبه للعمل.

لكنّ الدّوحة فوجئت بتوزير المُقرّبين منها في 3 وزارات لا تعتبرها دوائر القرار القطريّ وازنة، مثل الإعلام والثّقافة وإدارة الكوارث.

  • أثناءَ زيارة أمير دولة قطر الشّيخ تميم بن حمَد لدمشق ولقائه بالرّئيس السّوريّ في 30 كانون الثّاني الماضي، طلبَ الشّرع من الشّيخ تميم إبعاد بعض المسؤولين القطريّين عن إدارة الملفّ السّوريّ. وهذا الطلب لم يلقَ حماسةً لدى الدّيوان الأميريّ، خصوصاً أنّ القائمين على هذا الملفّ في الدّوحة يعملون على إدارته منذ ما يزيد على 10 سنوات وتربطهم علاقات بكلّ أعضاء ومُمثّلي المُعارضة السّوريّة أيّام حكم نظام بشّار الأسد.
  • تربط الفريق القطريّ الذي يديرُ الملفّ السّوريّ علاقات متينة بنظرائه الأتراك، من وزير الخارجيّة الحاليّ ورئيس الاستخبارات السّابق هاكان فيدان، إلى رئيس جهاز الاستخبارات الحاليّ إبراهيم قالن.

تركيا على الخطّ؟

انسحبَ هذا الفتور على اللقاء الأخير الذي جمَع الرّئيس أحمد الشّرع بالرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان قبل أيّام. إذ يقول المصدر إنّ الشّرعَ طلبَ من إردوغان مساهمة تُركيا في تسهيل دمج قوّات “الجيش الوطنيّ”، الذي يزيدُ عدد مُقاتليه على 30 ألفاً، في الجيش السّوريّ الجديد. لكنّ الجواب التّركيّ لم يكن إيجابيّاً، وقال إردوغان إنّ هذا سيحصلُ في الوقت المناسب.

جدير بالذّكر أنّ الدّول الأوروبيّة لا تُبدي حماسةً لدمج “الجيش الوطنيّ” بالجيش السّوريّ الجديد لأسباب تتعلّق بالتّوتّر بين أنقرة ودول الاتّحاد الأوروبيّ، وفي مُقدّمها فرنسا. أبرز مؤشّر إلى ذلكَ كانَت العقوبات الأوروبيّة التي صدرَت الأربعاء الماضي بسبب “أحداث السّاحل السّوريّ” وطالت كُلّاً من:

  • قائد الفرقة 25 في الجيش السوري الجديد محمد حسين الجاسم، الملقّب بـ”أبي عمشة”.
  • سيف الدين بولاد “أبي بكر”، المعيّن حديثاً قائداً للفرقة 76.
  • الفصيليْن التابعين للجاسم وبولاد، وهما “لواء السلطان سليمان شاه”، المعروف باسم فصيل “العمشات”، و”فرقة الحمزة”، المعروفة باسم فصيل “الحمزات”، إضافة إلى فصيل آخر هو “فرقة السلطان مراد”، واستثنى القرار الأوروبي قائده فهيم عيسى الذي يشغل منصب معاون وزير الدفاع مُرهف أبو قصرة.

الكهرباء تُحسّن العلاقة؟

أثناء زيارة الشّيخ تميم لدمشق اتّفقَت الدّوحة ودمشق على مساهمة قطر بـ14 مشروعاً من ضمنها قطاع الكهرباء، ومساهمة قطر في دفع رواتب موظّفي الإدارة الجديدة إلى حين استقرار الوضع الماليّ لسوريا.

بقِيَت المشاريع مُعلّقة إلى حين موافقة الدّوحة على الانخراطِ مع الأتراك في المشروع الأوّل، وهو تطوير قطاع الكهرباء السّوريّ لرفع التّغذية إلى 5,000 ميغاواط بقيمة 7 مليارات دولار. واحدة من الشّركات المُنخرطة في هذا الاستثمار هي أورباكون التي يرأسها رجل الأعمال السّوريّ – القطريّ رامز آل خيّاط.

يشير هذا إلى تراجع التّوتّر على خطّ الدّوحة – دمشق، لكنّ هذا لا يعني بالضّرورة انتفاء أسبابه. غير أنّ الدّوحة تعتبر نفسها من المعنيّين الأساسيّين بالملفّ السّوريّ منذ انطلاقة الثّورة السّوريّة في آذار 2011، واحتضانِ قطر لشريحة واسعة من المُعارضين المدنيّين، أو دعم الكثير من الفصائل المُسلّحة. وسخّرت الدّوحة أيضاً شبكة إعلامها لدعم الثّورة ضدّ الأسد.

هُنا يُمكن القول إنّ قطر تُحاول في الوقت الحالي “التّرفّع” عن الخلافات التّقنيّة لحماية استثمارها الاستراتيجيّ في الملفّ السّوريّ. ويقول المصدر لـ”أساس” إنّ دمشقَ على قناعة أنّ قطر لن تتخلّى عن تحالفها مع فئات المعارضة السّوريّة السّابقة لأسبابٍ يُمكن تجاوزها.

ابراهيم ريحان