ألقى رئيس الحكومة الدكتور نواف سلام ، كلمة في احتفال شركة طيران “Hلشرق الأوسط الميدل ايست”، لمناسبة الذكرى الـ80 لتأسيسها، استهلها بالترحيب بالحاضرين، وقال: “يسعدني أن أكون بينكم اليوم للاحتفال معاً بالذكرى الثمانين لتأسيس شركةٍ ليست مجرّد مؤسسة اقتصادية ناجحة، بل جزء من ذاكرة لبنان المعاصر، ووجه من وجوه هويته، وصورة حيّة عن قدرة ابنائه على التحليق عالياً، مهما اشتدت العواصف فيه او من حوله”.
أضاف: “ثمانون عاما مرت على مغامرة ولدت في زمن كانت فيه المبادرة شجاعة، والريادة حلما، والانفتاح رؤية.
منذ ذلك اليوم، وطيران الشرق الأوسط تجسد مرآة للبنان نفسه: بلد صغير في الجغرافيا، كبير في طموح أهله.
ولدت الميدل إيست في لحظة تاريخية مليئة بالتحولات. كانت سنوات الأربعينيات زمن تحول عالمي، وكانت منطقتنا الخارجة من الحرب تبحث عن ذاتها. في ذلك الوقت، لم يكن الطيران مجرد وسيلة نقل، بل رمزا للتقدم ومجالا جديدا لا يدخله إلا من يملك الرؤية وشجاعة المبادرة”.
وتابع سلام :”هذه هي بالضبط روح لبنان التي عبرت عنها الشركة منذ لحظتها الأولى: بلد لا ينتظر الظروف، بل يخلقها، بلد يريد أن يكون رائدا في محيطه وحاضرا في العالم، لا هامشا فيه.
حتى الاسم الذي حملته، “طيران الشرق الأوسط”، كان إعلانا عن طموح أكبر من حدود الوطن. لم تحمل الشركة اسم بيروت أو لبنان، بل اختارت أن تمثل الشرق الأوسط بأسره”.
وقال: “بالنسبة إلي، كانت “الميدل ايست” جزءا لا يتجزأ من ذاكرة العائلة، ومن تفاصيل الطفولة التي تختلط فيها صورة تلال الرمل التي كانت تحيط بالمطار بأضواء بيروت وبدايات الحلم اللبناني الحديث. كبرت وأنا أسمع اسمها في البيت، وأرى الوجوه التي ارتبطت بها من خارج العائلة، مثل نجيب علم الدين واسعد نصر.
ففي طفولتي، كنت أمر قرب المطار وأرى الطائرات التي تحمل شارة الأرز، وأشعر بشيء من الفخر الغامض. لم أكن أدرك السبب، لكنني كنت أفهم، بطريقة الأطفال، أن تلك الطائرات ليست مجرد آلات، بل جزء من الحكاية التي كبرنا عليها ― حكاية بلد عربي صغير يحلم بأن تكون له أجنحة”.
وأردف: “كان عمي صائب، صاحب المبادرة وأول رئيس لمجلس إدارة الشركة، في سنوات كان فيها تأسيس شركة طيران في لبنان مغامرة تشبه تأسيس البلد نفسه:
رؤية تتجاوز الممكن، وإيمان بأن لبنان قادر على أن يكون مركزا للتواصل والانفتاح في المنطقة. وكان دائما الحديث معه عن الميدل إيست يتداخل مع الحديث عن بيروت، عن دورها في العالم العربي، وعن الروابط التي جمعت العديد من افراد اسرتنا مع اشقاءهم العرب من مصر الى الجزيرة العربية ومن بغداد الى الرباط.
ومن الرعيل الاول بقي والدي، عبد الله سلام، عضوا في مجلس إدارة الشركة حتى أوائل ثمانينيات القرن الماضي، متمسكا برؤية المؤسسين رغم الاضطرابات التي بدأت تعيشها البلاد منذ نهاية الستينيات.
وفي مرحلة لاحقة تولى ابن عمي سليم سلام رئاسة مجلس الإدارة في أصعب الظروف، فحمل الشعلة ذاتها في زمن تغير فيه كل شيء تقريبا، وسعى لتبقى فيه الشركة محتفظة بوجودها وروحها”.
وتابع: “لقد أدرك القائمون على الشركة منذ البداية أن الطيران ليس مجالا جامدا، بل عالم يتغير بوتيرة سريعة، وأن النجاح فيه يتطلب يقظة دائمة، واستعدادا لتجديد الذات في كل مرحلة، فكانت الميدل إيست من أوائل الشركات العربية التي تبنت مفاهيم الإدارة الحديثة، وأدخلت التقنيات الجديدة في التدريب والصيانة والخدمات الجوية.
وكذلك أصبحت الميدل إيست مع مرور الزمن نموذجا للمؤسسة اللبنانية الحديثة: مؤسسة تجمع بين روح المغامرة التي ورثتها من جيل التأسيس، والعقلانية التي اكتسبتها من الخبرة التقنية، والانفتاح المستمر على العالم بوصفه بيئة طبيعية لنجاحها.
ولم تكتف الميدل إيست بأن تكون مرآة لصورة لبنان في الخارج، بل أصبحت عنصرا ثابتا في هوية اللبنانيين أنفسهم.
فهي ترافقهم في السفر والعودة، في الحنين والمغامرة، في الفرح والخوف. كل لبناني جرب الغربة يعرف شعور الطمأنينة حين يرى طائرة الميدل إيست في مطار بعيد، بالأرزة على ذيلها وألوانها المألوفة. إنها تلك اللحظة التي تختصر معنى الوطن: أن تشعر أنك عدت قبل أن تصل”.
واستطرد سلام: “وحين يتذكر اللبنانيون لحظات الحرب والعزلة، يتذكرون كيف بقيت الميدل إيست صلة الوصل الوحيدة بينهم وبين العالم.
تاريخ الميدل إيست ليس مجرد تسلسل زمني لمحطات اقتصادية أو إدارية، بل هو سيرة مقاومة مدنية طويلة، توازي في معناها مسيرة لبنان نفسه في مواجهة الأزمات.
وقال: “إن ما نحتفل به اليوم، في ذكرى تأسيس الميدل إيست، انما هو دعوة إلى استعادة الثقة بالمستقبل، وبقدرات أبناء وطننا”.
وتوجه سلام إلى عائلة طيران الشرق الأوسط: “أنتم وجه لبنان الحديث، أنتم المثال الذي نريده في المبادرة، والابتكار، وبناء المؤسسات والفخر بها. وشكراً لـChairman محمد الحوت”.
وأشار رئيس مجلس إدارة MEA محمد الحوت في الاحتفال الى وضع خطط للمرحلة المقبلة بإعادة دوريوت كمركز صيانة الطائرات التابعة للشركات العالمية. كما يتطلع لبنان الى إطلاق منشآت جديدة. فقريباً سنشهد FlyBeirut عام 2027. كما ستطلق شركة الـMEA ٦ طائرات جديدة.