سلام: نكثّف الضغوط لتنفيذ القرار الدولي 1701 والمجلس الاقتصادي شريك مجتمعي أساسي

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن «المجلس الإقتصادي شريك مجتمعي أساسي في هذه اللحظة المفصليّة والإنقاذ لا يكون إلّا عبر إصلاح فعلي يؤسّس دولة حديثة تحصل على ثقة المواطنين ودول العالم»، وقال: «نكثّف الضغوط لتنفيذ القرار 1701 والدولة تواصل جهودها لبسط سلطتها على كافّة الأراضي من أجل حصر السلاح والحدّ من التهريب وتعزيز السلامة في المطار»، مشيرا الى ان «زياراتنا أنا والرئيس عون لدول عدّة كانت من أجل إعادة لبنان إلى الحضن العربي والدولي ولا استثمار أو خدمات من دون استقرار مالي أو اقتصادي».

وزار سلام المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بدعوة من رئيسه شارل عربيد، والتقى رؤساء ونقباء الهيئات الاقتصادية والمهن الحرة والاتحاد العمالي العام وأعضاء المجلس وممثلي المجتمع المدني المنظم، في إطار حوار تشاركي يتمحور حول خطة الحكومة للنهوض الاقتصادي ورؤيتها للوضع الاجتماعي، بالإضافة إلى التحديات المقبلة. بدايةً تحدث عربيد، وقال: «أكثر من عشرين عاما مروا على حضوركم الأول في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. أعوام راكمتم فيها خبرات ثمينة في مسيرةٍ طويلة من العمل والنجاح، من لبنان إلى العالم، ومن العالم لأجل لبنان. دولة الرئيس، أنتم تعرفون هذه المؤسسة جيدا. لكننا اليوم في أيام غير الأيام، وفي مؤسسة غير تلك التي شهدتم انطلاقتها الأولى. لقد نضجت هذه المؤسسة، واكتسبت شخصيتها الخاصة الفريدة، واتخذت لنفسها هوية خلاقة ومطلوبة ضمن مؤسسات الخدمة العامة في لبنان». تابع: «إن الاتحادات والهيئات والنقابات والمواطنين وأصحاب الفكر والكفاءة، يكثفون طاقاتهم في أوراق مختصرة، رشيقة لكن مشبعة، من الوصفات المفيدة والرصينة، التي تبتعد من فتنة المطولات اللغوية، وتقترب من واقعية النصحِ المباشر والمفيد لصناع القرار، لتوسيع خياراتهم وتسهيل مهماتهم. ومكافحة الفقر واحدة من أهم القضايا التي نقاربها من باب الحلول المستدامة، وليس من باب العطاءات الدائمة التي تعيق المجتمع والاقتصاد والدولة معا. فالطريقة الأكثر استدامة لمكافحة الفقر هي الاستثمار طويل الأمد بالتعليم النوعي الأكاديمي والمهني، الذي يمكن المواطنين، في المدى المنظور، من الإمساك بمصيرهم، والترقي في سلم الحياة».

كلمة سلام

وألقى الرئيس سلام، كلمة قال فيها: «بداية، أود أن أتقدّم منكم بجزيل الشكر على دعوتكم الكريمة، وعلى هذه الفرصة الهامة لزيارة هذا الصرح الوطني الذي يتميّز بتفويضه الفريد وتركيبته التشاركية الواسعة. وكان لي شرف أن أكون عضوًا في أول مجلس، وأن أَخدم في هيئته التنفيذية». أضاف: «يُشكّل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مساحة حيوية للحوار الوطني، ويؤدّي دورًا استشاريًا محوريًا في نقل نبض المجتمع وتغذية السياسات العامة بآراء الفئات الممثَّلة فيه. ويتميّز المجلس بتركيبة تمثيلية واسعة تضمّ هيئات ونقابات وجمعيات من مختلف القطاعات، من التعليم والصناعة، إلى الصحة والتجارة والسياحة، وصولًا إلى القطاع المصرفي وسوق العمل الأوسع. وهذه الميزة تكتسب أهمية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، حيث الحاجة ماسّة إلى توافق اجتماعي واسع حول أولويات التعافي والإصلاح. إن تشكيل المجلس كان لعقود منذ خمسينيات القرن الماضي مطلبًا إصلاحيًا بامتياز، وهو اليوم يشكّل شريكًا مجتمعيًا أساسيًا في هذه اللحظة المفصلية من مسار الدولة. من هذا المنطلق، أغتنم وجودي بينكم اليوم لأعرض أمامكم رؤية حكومتنا، وما تحقق حتى الآن، وما تبقى أمامنا من استحقاقات ومصاعب كثيرة علينا التصدي لها في أقل من عام». تابع: «أولًا: الاستقرار الأمني والسياسي: اسمحوا لي أن أكون في منتهى الوضوح: لا يمكن تحقيق الاستقرار في لبنان طالما استمرّت الانتهاكات الإسرائيلية، وبقي الاحتلال قائمًا لأجزاء من أرضنا، وأسرانا في سجون العدو. من هذا المنطلق، نكثّف الضغوط السياسية والدبلوماسية لتنفيذ القرار 1701». أضاف: «أما على المستوى الإقليمي، فقد اتّخذنا قرارًا واضحًا بإعادة وصل لبنان بعمقه العربي، لاستعادة موقعه الطبيعي كشريك فاعل في مسارات التنمية، وتنشيط التجارة البينية، وجذب الاستثمار».

وقال: «ثانيًا: الإصلاح المالي والاقتصادي: يشكّل هذا الإصلاح ركنًا أساسيًا في مسار التعافي الوطني. فلا خدمات عامة مستدامة، ولا فرص استثمار حقيقية، ولا إمكانية للنهوض، من دون استقرار مالي واقتصادي». أضاف: «ثالثًا: الحوكمة واستعادة مؤسسات الدولة: إنّ إصلاح المؤسسات العامة ليس مجرّد بند إداري، بل ركيزة أساسية للنهوض الوطني. ونحن اليوم نعمل على بلورة رؤية واضحة لتحديث الإدارة العامة تدريجيًا، من خلال تعيينات مبنية على الكفاءة، وتفعيل الهيئات الرقابية المستقلة، واعتماد التحوّل الرقمي كمسار إلزامي لتحقيق الحوكمة الرشيدة. كما نُعدّ لإطلاق مسار إصلاحي يعيد الاعتبار لمعايير الجدارة بدلًا من منطق المحاصصة. أما على مستوى الإدارة الرشيدة للموارد العامة، فقد عملنا على استرداد مراسيم الأملاك البحرية الممنوحة بشكل مخالف للقانون، وأوقفنا تمديد تراخيص الكسارات العشوائية، حمايةً للمال العام والمصلحة البيئية والوطنية. ونواكب هذه الإصلاحات بمسار موازٍ لتحديث البنية التحتية. وعلى المستوى الثقافي، نؤمن أن استعادة هوية الدولة تمرّ أيضًا عبر إحياء ذاكرتها».

تابع: «رابعًا إعادة الإعمار: إن ?إعادة الإعمار ليست مسألة هندسية أو مالية فحسب، بل هي أيضًا عملية سياسية واقتصادية واجتماعية تهدف إلى تثبيت الناس في أرضهم، واستعادة ما دمّرته الحرب من ثقة، وبُنى، وكرامة. لقد تعهّدنا بإعادة بناء ما دمّره العدوان الأخير، ونعمل على إطلاق جهود الإعمار ضمن أطر شفافة ومسارات خاضعة للمساءلة والمحاسبة. وفي هذا الإطار، أمّنا حتى الآن قرضًا بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل مرحلة إعادة الإعمار الفوري، بانتظار إقراره في مجلس النواب. كما نعمل بالشراكة مع وكالات الأمم المتحدة على تنفيذ مشاريع تفوق قيمتها 350 مليون دولار في الجنوب، تغطي قطاعات التعليم، والصحة، والمأوى، والأمن الغذائي، ضمن خطة دعم تمتد لأربع سنوات. ونؤمن أن مشروع إعادة الإعمار لا يكتمل من دون دعم أشقائنا العرب. من هنا، نتطلّع إلى مساهمة فاعلة تُعيد بناء ما تدمّر، وتُعزّز قدرة لبنان على النهوض».