كتب عوني الكعكي:
حديث الرئيس أحمد الشرع لصحيفة «جويش جورنال» الأميركية ذكّرني بالرئيس الراحل أنور السادات، ذلك الرجل الذي تحدّى العالم واتجه نحو السلام.. وأظنّ اليوم أنّ قراره كان صائباً مائة في المائة. وأقول أيضاً ليت الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما جاءه الرئيس السادات الى دمشق، وحاول إقناعه بالذهاب معه في مشوار السلام، ليته ذهب معه، لكني أعلم لماذا لم يذهب؟
على كل حال، الناس ينظرون الى الرئيس أحمد الشرع بأنه الرئيس الذي سوف ينقذ سوريا من الدرك الذي أوقعها فيه الرئيس الهارب بشار الأسد، ولن يؤثر ما قيل عن تاريخ الرئيس أحمد الشرع وعلاقته بالجماعات الإسلامية المتطرّفة، فإنّ كل شيء قد تغيّر الآن.
أنا شخصياً أراهن أن النجاح سيكون حليف الرئيس الشرع، وستشهد عودة سوريا الى العروبة وإلى مكانها العروبي قريباً، ووداعاً لولاية الفقيه.
وهنا نص الحديث:
تحدّث الرئيس السوري أحمد الشرع من دون تردّد، فكان صريحاً عن موضوعات كانت محرمة… عن العلاقة مع إسرائيل واحتلالها الأراضي السورية، خلال لقائه مع صحيفة «جويش جورنال» الأميركية، ليكون حواره هذا أوّل حوار مع وسيلة إعلامية يهودية منذ تسلّمه السلطة قبل أقل من 6 أشهر.
الحوار نُشر بتاريخ 28 أيار (مايو)، افتتحه الصحافي جوناثان باس بالقول: «لا يرى كثير من السوريين في الرئيس أحمد الشرع الشخص الثائر، بل قائداً مُرمّـماً قادراً على إعادة بناء أمة أنهكتها الحرب ومزّقتها الهويّة».
ويسجل الصحافي باس انطباعه عن الشرع بقوله: «إنه هادئ الطباع، لكن كل كلمة ينطق بها تأتي بتأنٍّ. ولا توجد في صوته أي نبرة انتصار، بل كلمات يعنيها ويؤكد عليها».
يقول الشرع في اللقاء: «لقد ورثنا أكثر من مجرّد أنقاض، ورثنا الصدمة وانعدام الثقة والتعب. لكننا ورثنا أيضاً الأمل ولو كان هشّاً. لكنه أمل حقيقي».
ويقول باس: «لقد كانت خطوات الشرع الأولى حذرة، ولكنها رمزية… أمر بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وبادر بحوار مع جماعة المعارضة، وتعهّد بإصلاح جهاز الأمن السوري، واقترح إنشاء وزارة مخصّصة لمعالجة مصير المفقودين والقتلى».
ونقل باس عن الشرع قوله: «إذا كنت الوحيد الذي يتحدّث، فإنّ سوريا لم تتعلم شيئاً، نحن ندعو جميع الأصوات الى طاولة الحوار: العلمانية والدينية والقبلية والأكاديمية والريفية والحضرية».
وعمّا يحتاجه السوريون الآن، قال الشرع: «الكرامة من خلال العمل… والسلام من خلال الهدف.
وأكد الشرع على أهمية الشراكات مع المستثمرين الإقليميين. ولتقديم منح المشاريع الصغيرة للعائدين، والتدرّب المهني للشباب الذين لم يعرفوا سوى الحرب».
تابع: “لن تبنى سوريا مستقرّة بالخطابات والشعارات بل بالأفعال، في الأسواق وفي المدارس والمزارع، وفي ورش العمل. سنعيد بناء سلاسل التوريد. ستعود سوريا مركزاً للتجارة والتبادل التجاري».
وأكمل الشرع: «هناك رؤية أعمق للعلاقة مع إسرائيل. فبعد جيل من الخسارة سئم السوريون من الصراع. إنهم يتوقون للسلام. وليس غياب الحرب فقط، بل وجود الفرص.
أريد أن أكون واضحاً… يجب أن ينتهي عصر القصف المتبادل الذي لا ينتهي. لا تزدهر أي دولة عندما يملأها الخوف. الحقيقة هي أن لدينا أعداء مشتركين، ويمكننا أن نلعب دوراً رئيسياً في الأمن الإقليمي».
وأعرب عن «رغبته في العودة الى روح اتفاقية فك الارتباط عام 1974 (اتفاقية دوفا) ليس كخط لوقف إطلاق النار فقط، بل كأساس لضبط النفس المتبادل وحماية المدنيين وخاصة الدروز في جنوب سوريا ومرتفعات الجولان».
أضاف: «دروز سوريا ليسوا بيادق، إنهم مواطنون موالون تاريخياً ويستحقون كل حماية، وسلامتهم غير قابلة للتفاوض».
وفي حين امتنع الشرع عن اقتراح التصنيع النووي، أشار الى انفتاحه على محادثات مستقبلية قائمة على القانون الدولي والسيادة.
وعن ترامب قال الشرع: «مهما كانت الصورة التي رسمها الإعلام له، أراه رجل سلام. لقد تعرضنا نحن الاثنان لهجوم من نفس العدو. ترامب يفهم جيداً معنى النفوذ والقوة والنتائج، وسوريا بحاجة الى وسيط نزيه قادر على إعادة ضبط الحوار. إنه الرجل الوحيد القادر على إصلاح هذه المنطقة، وجمع شملنا خطوة بخطوة».
وختم باس الحوار بالقول: «إنّه كان حواراً صريحاً لافتاً، ليس لصراحته فقط بل لما تضمنه من دلالات».