يُلاحظ بوضوح أن منسوب الضغط الأميركي على لبنان بدأ يتراجع، ولكن هذا الأمر يجب أن يُقرأ على حقيقته وليس وفق تفسيرات قد تشطح بعيداً. في هذا السياق ثمة ملاحظات يجدر تسجيلها وهي مدار تداول بين المطلعين على الوقائع وليس المنطلقين من الأمنيات والنيات:
أولاً – العنصر الأساس في تخفيف الضغط الأميركي على لبنان هو أن الرئيس ترامب صار أكثر اطلاعاً على الواقع اللبناني ودقته وحراجته وحساسيته. وبالتالي أكثر تفهماً للخطورة واستطراداً للتحرج الذي تواجهه السلطة التي قررت (وهي تريد فعلاً) احتكار السلاح في عهدتها.
ثانيا – العنجهية الإسرائيلية المتمثلة في الخروقات العدوانية الكبيرة على لبنان نهاراً وليلاً، وأخطرها في نظر الأميركي القصف الذي استهدف المنشأة المدنية في المصيلح التي كان يمكن استخدام آلياتها في إعادة الإعمار. أما سقوط الشهداء والدمار الهائل فشأن عسكري. وهذه العنجهية تعطي الموقف اللبناني فسحة من المنطق الذي بدأ الأميركي يصغي إليه.
ثالثا – صحيح أن توما البرّاك شطح بعيداً، وبعيداً جداً، في المزاودة على الموقف اللبناني، إلا أنه أخذ يليّن كلامه الشخصي، فيتحدث عن استعدادات إسرائيل للحرب على لبنان من دون أن يعتمد أسلوبه الممجوج في التهديد والوعيد وحتى التأنيب(…). وأما زميلته الموفدة السيدة مورغان أورتاغوس فتخلت عن الكثير من لهجتها العالية، لدرجة أن الرئيس نبيه بري كاد أن يفاجأ بأسلوبها المختلف كلياً عما سبق لها أن اعتمدته في سردياتها السابقة.
رابعاً – بكثير من التفهم والإيجابية، تلقى الجانب الأميركي في لجنة «الماكنيزم»، أمس، الموقف اللبناني، ولا سيما الدور المهم الذي يؤديه الجيش في قضية حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، بما في ذلك التنفيذ على مراحل.
خامساً – الأميركي ثابت جداً في موضوع تخلي حزب الله عن سلاحه، ولم يبدل مقولته الشهيرة: لا إعادة إعمار مع بقاء السلاح مع «الحزب».
سادساً – واشنطن تحبذ إجراء الانتخابات في موعدها، ولكنها ترى أن هذا الملف لبناني داخلي، وهي لا تتدخل فيه.