التطور الأخير في بلدة جرمانا السورية، ذات الأكثرية الدرزية، وضع أطرافاً عدّة في موقع التحرج، قدر ما تكشف عن حقيقة «القلوب المليانة» التي عبّرت عنها الهتافات التي رُفعت في الطرفين (جماعة النظام السوري، وجماعة الموحّدين الدروز من بني معروف ذوي الشهرة في البأس والقوة و «عدم النوم على الضيم»).
ومع أن الإعلام السوري الرسمي لا يضوي على التظاهرات والمواقف، ويؤكد على أن كل شيء على ما يرام وأن الأكثرية الدرزية في منطقة السويداء تدعم حكومة الرئيس الموقت أحمد الشرع، فإن ما يُدار على الأرض مختلف كلياً. والتظاهرة الحاشدة أمام دارة الشيخ أبو عهد هيثم خير دليل، وكاد صوته لا يُسمع وسط الجماهير وهو يخطب واصفاً المرحلة بأنها عصيبة ووقت الشدّة ما يستوجب إدارة (درزية) على قدرها، وأن يكون الكلام مدروساً جداً.
وتحول منزل الشيخ أبو عهد الى ملتقى القيادات الدرزية من المنطقة وخارجها كما من دروز لبنان وفلسطين المحتلة. وثمة وفد كبير من دروز لبنان حملت الجموع، على الأكتاف، السيارة التي كانت تُقِلّ المشايخ أعضاءه دلالة على حسن الوفادة.
وأيضا عُقد في باحته لقاء درزي – مسيحي حاشد، حيث كان كلام على «حماية مشتركة».
من جهته الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لبني معروف في سوريا يبدو ميالاً الى تسليم السلاح الى السلطة، الأمر الذي لم يقنع أو يُرضِ الغالبية الكبرى التي رفضت الأمر جملة وتفصيلاً مصرّة على أن يكون العسكريون والأمنيون الذين توفدهم السلطة الى المنطقة من الدروز. واستمر التمسك بحواجز الأمن الذاتي، لا سيما حاجز «لنسيم». في غضون ذلك أصدرت الهيئة الروحية الدرزية توجيهاً بحظر حمل السلاح في الشوارع. وتحدث الشيخ أبو طاهر منير القضماني، داعياً الى وحدة الصف والتأمل في دقة المرحلة وحساسيتها. أما الشيخ ليث البلوسي فقال: لا نتعدى ولا نقبل بأن يتعدى علينا أحد، وإذا كان لا بد من حماية فبأيدينا.
يجمع المراقبون على أن المسألة ليست مما يمر دون ندوب كبيرة، وأن الشعارات الجارحة من المتظاهرين وفي مكان آخر من مؤيدي النظام الجديد فنتجاوزها، فقط نود أن نلفت الى أن ثمة دوراً إسرائيلياً خبيثاً، يقابله جهل من النظام بطبيعة الديموغرافيا السورية، ما يفتح الباب على رياح خطرة. وقد يكون مفيداً التذكير بقول أحد أبرز مؤسسي الكيان الإسرائيلي دافيد بنغوريون: «لن تبقى وتكبر إسرائيل إلا إذا أضعفنا سوريا وقسمناها وأجبرناها على الرضوخ وتقديم التنازلات»!