كتب الرئيس جوزاف عون، أمس، فصلاً جديداً بالغَ الأهمية في تاريخ لبنان. ويقتضي الإنصاف القول إن ما قبل كلام رئيس البلاد، في الذكرى الأولى لعيد الجيش في عهده، ليس كما قبله ولن يكون.
لقد كشف الرئيس تفاصيل الورقة اللبنانية ببنودها التراتبية التي هي، في تقديرنا، أفضل ما يمكن التوصل إليه لمصلحة لبنان، في ظل الظروف الموضوعية التي ترتّبت على «حرب الإسناد والمشاغلة» التي انتهت الى ما نعرفه جميعاً من معاناة فظيعة.
لن نورد تفاصيل هذا الخطاب التاريخي، فهو في متناول الجميع. فقط نود أن نسجل الآتي:
أولاً – لقد بدا الرئيس عون في ذروة المسؤولية الوطنية العليا، في تقديرنا أن أحداً لا يستطيع أن يرى الى موقفه إلّا من هذا المنطلق. أما مَن يريد أن يشطح بعيداً من منظاره الخاص ومن مصلحته الذاتية، فهذا شأن آخر.
ثانياً – لا نرى أن حزب الله يملك أن تكون له ملاحظات سلبية على موقف رئيس الجمهورية، علماً أن الخطاب لم يكتفِ بأن راعى مشاعر البيئة الحزبية الى أبعد الحدود إذ تحدث أيضاً من مصلحتها في إطار المصلحة العامة. وإننا على كبير اقتناع بأن ما قاله فخامته في هذه الجزئية نابع من مفهومه الوطني وليس على قاعدة اللعبة السياسية التافهة التي درَج منافقو السياسة اللبنانيون على انتهاجها.
ثالثاً – كذلك، خارج الحزب وبيئته، لا نظن أن أحداً يسمح لذاته أن يلجأ الى (أو يتمادى في أسلوب) البروباغندا الرخيصة ليزاود على الرئيس. فمثل هذا الأسلوب المكشوف والمفضوح لن يتأتّى منه إلّا الضرر الكبير على العباد والبلاد. ونأمل أن نتعامل جميعنا، في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ الوطن، بمسؤولية وبتحكيم الضمير، وبالاصطفاف وراء الرئيس الذي يقود المسيرة في ظرف أقل ما يُقال فيه إنه أشبه بالمحرقة، وإن التصدي لمعالجته هو التضحية بأبهى صورها.
رابعاً – نعرف أن العدو الإسرائيلي ليس مرتاحاً الى ما قدمه الرئيس عون كورقة لبنانية وخريطة طريق لحلّ أزمة الحدود.
ولا نستبعد أن يُقدِم الاحتلال على إجراءات تصعيدية تراوح بين توسيع رقعة المواقع المحتلة وضربات موجعة لا تُقتصَر على منطقة بعينها أو منطقتين، بل تتجاوزهما الى أن تطاول بعض المرافق الحيوية أيضاً(…).
فليساعد الله لبنان ويحمِه ويرعَه في هذا الزمن الضاغط على وطننا بقوة هائلة.