شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – كي لا يعود لبنان حقلاً لتجارب الآخرين

حتى عبارة «حروب الآخرين على أرض لبنان» استكثروها على هذا الوطن المنكوب، بالرغم  من أنها توصيف لواقع قائم، لا ينكره حتى المكابر بينه وبين نفسه. واليوم نود أن نحذر من أن يتحوّل وطننا الى حقل تجارب وعرض عضلات الآخرين على حساب أمن وأمان وطمأنينة هذا الشعب الصابر الصامد في واحدة من أصعب المعاناة التي عاشتها الشعوب، لا سيما أنها في كل نمط من أنماط حياتنا التي انقلبت 180 درجة في الاتجاه السلبي.

وفي تقديرنا أن الذين ينكرون أن تكون من صنع الآخرين الاعتداءات الإسرائيلية وحروب الفلسطينيين والسوريين وجحافل القاعدة وداعش الذين توافدوا الى ديارنا من كل حدب وصوب الخ… قد لا يكون مستغرَباً منهم ألّا يروا في تحويل بعض الأطراف المنابر اللبنانية الى منصّات لتنفيس ضائقات صدورهم ضدّ قوى وبلدان أخرى، والعكس صحيح. وعندما يقول الصهاينة إنهم يحاربون إيران في لبنان، ويرد عليهم الإيراني بالقول المعكوس، فماذا يكون ذلك؟

ولا بأس في أن ندعو اللبنانيين، بل نناشدهم، ألّا يقعوا في هذه الفخاخ المنصوبة لهم، والتي لا يؤدي تنفيذ رغبات (وأوامر) ناصبيها إلّا الى المزيد من الويلات والكوارث والمصائب. وألّا يكون لبنان، بعد، حقل تجارب للآخرين، أقرباء كانوا أو أشقاء، أو أعداء.

وفي المناسبة نود أن نشيد بالتحوّل الكبير الذي حققه الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، الذي ما إن استقر به المقام في قصر الشعب (الرئاسي) حتى تبينت له حقيقة مصلحة بلده، فلم يبقَ أسير الطروحات القديمة والايديولوجيا المحنّطة، فانحاز الى مصلحة وطنه العليا، وانتهج سياسات تتعارض مع ماضيه القريب جداً بنسبة مئة في المئة، وللحال حصل على الثمن الغالي: رفْع العقوبات الأميركية عن سوريا، (وبالطبع عن نفسه شخصياً)، وفُتحت أمامه أشد الأبواب انغلاقاً بدءاً بلقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المملكة العربية السعودية، إلى تسريع حركة إنجاز الاستعدادات لإعادة إعمار سوريا الذي يكلف رقماً ضخماً جداً.

فنرجو، بدورنا، أن يترك عهد الرئيس جوزاف عون وراءه تراكمات الماضي، وينقذنا من حروب الآخرين وتجاربهم على أرضنا، وأن يربح الرهان الكبير عليه وعلى عهده، وهو الرهان الأكبر على قيامة لبنان.

khalilelkhoury@elshark.com