شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – لبنان أمام خيارين: المر والأكثر مرارة

الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو الذي رسم الخريطة، ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هو متعهد التنفيذ، والبلدان العربية كلها، من دون أي استثناء، مدعوة إلى الصعود إلى هذه الرحلة، في قطار له مسار واحد لا مساران. وهي الرحلة التي ستكون تاريخية بالتأكيد، ولها محطة واحدة تستقر فيها لا إثنتان، اسمها التطبيع الشامل التام بين الكيان العبري ومحيطه العربي، ببلدانه قاطبة.

وعلى عكس منطق ومسار الرحلات، فإن مَن يصعد إلى المقصورات لا يدفع، ومَن لا يصعد هو الذي سيدفع، وربما يكون بدَل عدم المشاركة مرتفعاً جداً وعالياً جداً، وليس في قدرة المتخلّف أن يتحمله.

تلك هي المعادلة الواحدة التي لا بديل عنها. ولربما يكون في واقع وتكوين بعض البلدان أن يختار، بارتياح وطمأنينة، القرار الذي يُناسبه، ومن الواضح أن الأكثرية الساحقة اختارت أخذ مواقعها بالمشاركة في هذه الرحلة، باستثناء لبنان الذي ليس في مقدوره أن يتوجه الى أي قرار ببساطة كما يمكن أن يفعله الآخرون. فهو عليه أن ينحاز إلى واحدٍ من قرارين أحلاهما مرّ: ويله إذا استقل القطار، وويله إذا تخلف عن ركوبه.

والأمر لا يحتاج إلى كبير شرح، فصاحب القرار في هذا المسار أبلغ إلى مَن يعنيهم الأمر جميعاً: هذا قرار حاسم ونهائي، وعلى كلٍّ من المعنيين أن يزن وضعه ويُحدد موقفه، فالذي يأتي مرحّب به، والذي يتمنّع عليه أن يتحمل مسؤوليته.

 ونعود إلى هذا اللبنان المزروك، الذي أكثر ما يقدر أن يبلغ إليه، في هذه المرحلة، هو «التفاوض» الذي أشار إليه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون. 

وليس بخافٍ على أحد أن فكّي الكماشة يُطبقان بقوة على هذا البلد الصغير المعذّب، فلا الوضع الداخلي يسمح بقرارٍ واحد هو المنقسم عمودياً حتى أعمق الانقسامات. والرئيس الأميركي رمى بالخسة في النفايات وبات يحمل العصا الغليظة وحدها، وسائق القطار ليس عنده مانع أخلاقي أو قانوني أو إنساني، لأنه هو جزارٌ فالتٌ من كل قيد. وأما الأشقاء، فقد قال شاعرهم الكبير، ذات زمنٍ غَبَرَ: «وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضة».

khalilelkhoury@elshark.com