شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – مَن يفوز في «الماراتون» الحرب أو التسوية؟

يطغى حديث الحرب على حديث التسوية، فمعظم البيانات والمواقف والتحليلات، وما أكثرها، تميل الى ترجيح كفة الانفجار الكبير، وبالتالي نشوب حرب يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان، وتكون «غير شكل» عما سبقها من حروب من حيث ضراوتها وقساوتها وتداعياتها. ولعلك تكاد لا تميز بين المعلومة الدقيقة وتلك المفبركة من دون أي سند، وما بين الاثنتين من تخيلات وأمنيات. وفي هذه النقطة الأخيرة يمكن التأكيد على أن بعضاً من المتحدثين والمحللين يطلّون علينا بما يحلمون ويأملون، وفي الوقت ذاته يزعمون أنهم ينطقون بناء على «معلومات» يحرصون على الإدعاء بأنها موثّقة. إلا أنهم، في الواقع، ينطقون عن هوى وهوس في آن معاً. لأن فريقاً منهم يريد حرباً تسحق حزب الله فلا تقوم له، بعدها، قائمة. وثمة بعضٌ آخر من المحسوبين على الحزب، أو من حاسبي أنفسهم عليه، يحدثوننا عن استعدادات الحزب للرد على عدوانٍ واسع وأنه سيلقن نتنياهو وجيشه درساً لن ينسياه أبداً.
والحقيقة ليست مع الأولين ولا هي مع الآخرين. إنها في ما يقوله ذوو الرصانة والمعلومة الفعلية:
أولاً – بين التصعيد والتسوية «ماراتون» حقيقي، ولكل منهما دوافع للتقدم وللتراجع، والمشهد اللبناني الحالي يرجح الحرب على التسوية.
ثانياً – في الحرب لا يمكن أن يربح الحزب، ولكنه سيكون قادراً على الصمود فترة طويلة، ولعله لا يزال يملك من القدرات الصاروخية ما يوجع إسرائيل التي يعاني جيشها من الإرهاق جراء السنتين الأخيرتين من الاستنفار والمعارك لا سيما في غزة حيث قتل ودمّر وهجّر، ولكنه فشل (حتى الآن) في القضاء على حماس كتنظيم مسلح، وهذا كان أحد أبرز أهدافه الرئيسة في عدوانه على القطاع. ولكن بقاء الحزب كتشكيلٍ ما لن يخفف من هول التداعيات التي ستكون موجعة جداً. وثمة إجماع على هذه النقطة.
ثالثاً – ليس جديداً أن تحذيراً ورد الى لبنان بأن من أهداف الحرب الآتية، إذا نشبت، أنها ستطاول مواقع لبنانية استراتيجية ومنشآت حيوية جداً مثل المطار والمرفأ، ومحطات وشبكات الماء والكهرباء، وأيضاً الجسور وربما سواها.
رابعاً – تفيد المعلومات أن إيران ستشارك في المواجهة بإطلاق الصواريخ بعيدة المدى من النوع الذي استعملته في ردها الأخير على العملية الإسرائيلية التي استهدفتها والتي كشفت وسائط إعلام العدو أن تأثير رد طهران كان أكبر بكثير مما كشف عنه الإسرائيلي في حينه(…).
خامساً – وأخيراً وليس آخراً، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم توافق، بعد، على استئناف الحرب على لبنان، وهي ترى أنه يجب إعطاء الجيش اللبناني مزيداً من الوقت لمعالجة مسألة سلاح حزب الله.
يبقى أن مصدراً ديبلوماسياً أوروبياً غربياً قال لنا إنه لا يستبعد تجدد الحرب على لبنان، ولكنه يرجّح أن يحدث ذلك (إذا كانت الحرب حتمية) بعد انتهاء زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان التي تبدأ في الثلاثين من تشرين الثاني وتنتهي في الثاني من كانون الأول المقبلَين.

khalilelkhoury@elshark.com