شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – هل ترميم لبنان ممكن؟

لنفترض جدلاً أن الحرب وضعت أوزارها في جبهة الجنوب، فهل من الممكن «استعادة» لبنان من الضياع والانهيار والدويخة التي يدور فيها؟  السؤال طرحه عليّ مرجع سابق في لقاء خاص ضمّناً في دارة صديق مشترك، وشاءت المصادفة أن يتصل بي، خلال تلك المناسبة، الديبلوماسي الأوروبي الغربي الصديق الذي أكرّر أنه من أكثر الناس وفاءً وعشقاً للبنان. وقد رغب المرجع والصديق المشترَك، اللذان يعرفان الديبلوماسي عن قرب، على أن نستأذنه ليشاركاه في الحوار. وهكذا كان. وفي الآتي خلاصة لبعض ما دار في الجلسة من نقاش وآراء:

يرى الديبلوماسي في تحليله الوضعَ، في إطار إجابته على السؤال الذي طرحه عليّ، أن استرجاع لبنان ما قبل العام 2019 هو أمر في غاية الصعوبة ويكاد أن يكون أكثر صعوبة من استعادة لبنان الزمن الجميل، لذلك يجب أن يكون الكلام على محاولة «ترميم» لبنان في الحد الأدنى. لاسيما أن حركة التاريخ هي دائماً الى الأمام. وفي تقديره أن الطبقة السياسية الحالية في لبنان هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، سواء بالنسبة الى مَن يعرفهم من أعضاء «الجماعة السياسية» مباشرة وعن قرب أو أولئك الذين سمع عنهم وتابعهم عن بعد. ولشدّة اطّلاعه على أوضاعنا، كان يستشهد بأقوال أهل السياسة ومواقفهم، ليخلص الى أنه يتعذر على الذين خرّبوا أن يعمّروا!

المرجع السابق حمل بدوره على الطبقة السياسية وأسهب في توجيه الانتقاد الى أركانها حاملاً عليهم بعنف، ليستأذنه الديبلوماسي الأوروبي الغربي بالمقاطعة قائلاً للمرجع: ولكنك أنت، شخصياً، جزء من هذه الطبقة. وفي أي حال وافق الرجل على القول إن عودة لبنان أو استعادته باتت أكثر صعوبة، وإن التوصل الى وقوفه على رجليه بالحد الأدنى من الثبات يقتضي ما بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة، هذا إذا افترضنا أن مرحلة المعافاة تبدأ اليوم. وكان ثمة إجماع خلال النقاش على أن المشكلات المستعصي منها على الحل، وشبه المستعصي، تندرج في الجدول الآتي:  أولاً – الانهيار المالي الاقتصادي. وفي هذا البند تدخل قضايا عدة بين أبرزها: القطاع المصرفي وكيفية إصلاحه وإعادة الثقة إليه، ودمج المصارف، واعتماد مصارف جديدة الخ… ثم قضية الودائع التي تتواطأ أطراف عديدة لتصفية ما تبقى منها(…) وهذه لا يبدو لها حل في المستقبل المنظور.  ثانياً – قضية النزوح السوري التي هي، بحسب الديبلوماسي الأوروبي الغربي، أخطر أزمة يواجهها لبنان على الإطلاق وما يبدو منها ليس إلا قمة جبل الجليد، والمخفي أعظم، ويقول: لا يكفي أن يقال إن ثمة إجماعاً لبنانياً على هذه المسألة، إذ المطلوب أن يتأمّن إجماع وطني على آلية المعالجة، وأستطيع أن أجزم أن هذا عير متوافر حالياً، ويؤسفني أن أقول لكم إنكم ستكونون بعد خمس وعشر سنوات، على الأقل، تتناقشون في مسألة النزوح السوري التي ستكون لا تزال قائمة مع كل تداعياتها بالغة الخطورة، ومَن يعشْ يرَ.  ثالثاً – مسألة الاستراتيجية الدفاعية. وهنا رفص الديبلوماسي الغربي التحدّث في الموضوع، «ما دامت حرب الجنوب مشتعلة»، مكتفياً بالقول: لست أرى إمكانية لهكذا استراتيجية دفاعية في المستقبل اللبناني المنظور. رابعاً – ودار نقاش حول النظام السياسي اللبناني، وكان للديبلوماسي رأي أُلخِّصُه ببضع كلمات: مع هكذا نظام لا استقرار طويلاً في لبنان.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات (0)
إضافة تعليق