لا يتوقع اللبنانيون، بل لعلهم لا يحلمون، أن يتولى أي طرف عربي أو إقليمي أو دولي ولا أممي، ردع العدوان الإسرائيلي الذي يتجاوز الأعراف والمواثيق والقوانين والاتفاقات الدولية… لا في مدينة غزة وقطاعها وحسب إنما في لبنان: في بحره وجوه وعلى ترابه، في جنوبه وبقاعه وضاحيته. ونشدد على هذه الاعتداءات المجرمة على لبنان لأن ثمة اتفاقاً ليس فقط أنه موقع بين الطرفين، بل خصوصاً لأنه عقد تحت رعاية قوى عظمى وبضمانتها، وبالتحديد القوة الأعظم التي هي الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها اللاهث وراء جائزة نوبل للسلام.
وإذا استثنينا الراعي الفرنسي الذي، والحق يقال، لم يتوقف عن التنديد بما يقوم به الاحتلال من عربدة قاتلة في حقنا، فإننا نستغرب أن يتصرف الراعي/ الضامن الأميركي وكأنه غير معني على الإطلاق بما رعى وضمن… ولعل العكس صحيح فهو يبدو كمن يفسر الراعية والضمان على أنهما جواز مرور للعدوان ليتصرف من دون حدود… ولا يحتاج الأمر الى كثير كلام ووثيق دلائل، فالعربدة الإسرائيلية تتحدث عن ذاتها بذاتها من تناول أهداف مدنية بين البشر والحجر قتلاً وتدميراً. فلا رد فعل من الأميركي، وتقريباً من العالم كله، ولا حتى كلمة استنكار ولو من باب رفع العتب.
والأنكى أن الراعي الأميركي يمطرنا بالموفدين الرئاسيين والبرلمانيين، والعسكريين، والديبلوماسيين الخ… الذين بلغ بهم الأمر حد رمي الجزرة نهائياً والاكتفاء بالعصا الغليظة جداً يشهرونها في وجه هذا اللبنان المغلوب على أمره.
وفي تقديرنا أن هذا الوضع سيفرض ذاته من دون أدنى شك على حراك ومحادثات رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال مهمته في نيويورك مشاركاً في الدورة السنوية العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي سيلقي كلمة لبنان أمامها.
صحيح أن الفجور الصهيوني لا حدود له في غزة، ولكن هذا الفجور يبلغ ذروته، كذلك، في لبنان حيث، كما أسلفنا أعلاه، ثمة اتفاق وثمة رعاة… وأيضاً في الجانب اللبناني ثمة مأساة تتمادى، وبلدات أُفرغت ويعاد إفراغها ممن تبقى من أهاليها، وثمة دماء أبرياء تُراق يومياً مراتٍ عديدةً…
ولا بد من أن نرافق فخامة الرئيس بالدعاء والتوفيق في مهمته الدقيقة في الأمم المتحدة وما يجريه من محادثات على هامش اجتماعاتها… وإذا كانت أعمال هذه المنظمة ينطبق عليها الروتين السنوي فهي بالنسبة الى لبنان أكثر من استثنائية.
khalilelkhoury@elshark.com