طبيعي أن يعرب اللبنانيون عن الفرح والغبطة باستمرار شركة طيران الشرق الأوسط الوطنية تحمل على أجنحتها شعار الأرز، وتمضي تجوب الآفاق منذ ثمانين عاماً، مستحضرين الصعوبات التي واجهتها بسبب الظروف القاهرة التي مرت على وطننا المعذب طوال عقود من الاضطراب والقلاقل والحروب، ومع ذلك قُيض لهذه الشركة أن تتغلب على تلك الصعوبات وتمضي قدماً في معارج التطور والتقدم. وهذه شهادة من صميم الاقتناع وأنا الذي لا تربطني بها أي صلة أو علاقة على الإطلاق، سوى إنني وأفراد أسرتي المتواجدين في غير بلد خليجي، نؤثر التنقل على طائراتها، وبالذات أفراد الأسرة وهم كثيرو التنقل.
لعل الخبر السار أن مطلع العقد التاسع من عمر هذه الشركة سيشهد إطلالة الشركة الوليدة «فلاي بيروت»، ذات الطابع الاقتصادي، أسوة بما يجري في بلدان كثيرة من هذا العالم، لا سيما في منطقة الخليج. فنبارك للشركة الأم ونتمنى للمولودة الجديدة التوفيق والازدهار، وتكون على نهج الشركة الأم.
إلا أن تسمية «فلاي بيروت» تفتح لي جرحاً مقيماً في الوجدان: فقبل سنوات عديدة خطرت لي ولصديق عزيز خبير في شؤون الطيران أن ننشئ شركة طيران تحت تسمية «فلاي بيروت»، لتكون في منظومة الطيران الاقتصادي، مستفيدين من أن الصديق تلقى هدية من شقيقه الميلياردير (رحمه الله) الذي تمتد أشغاله الكبرى من دبي الى شرق آسيا. أما الهدية فكانت عبارة عن طائرتين مدنيتين من طراز حديث. وكنا، صديقي وأنا، سيتولى أحدنا رئاسة مجلس الإدارة ليكون الآخر مديراً عاماً للشركة.
اكتملت الإجراءات، ثم أُنجزت المعاملة، وقُدمت الى الجهات المختصة للحصول على الرخصة، بدءاً بقيادة الجيش التي أحالتها على مديرية المخابرات فجاءت الموافقة خلال أربع عشرين ساعة…
وبدأت رحلة العذاب مع الوزارة المعنية بإصدار الرخصة… وهي قصة تطول وتطول وتطول، فيها الأسباب كلها والعوامل الكثيرة التي تؤكد أننا بلد متخلف غارق في الفساد… فكان «ثمن» إعطاء الرخصة ما لا طاقة أو قدرة مالية لنا على تحمله بأي شكل من الأشكال، إن من حيث ملايين الدولارات المطلوبة كرشوة باهظة، أو من حيث اشتراط المشاركة في الأسهم، بحصة كبيرة جداً وراجحة .
ومع أن وزيراً جديداً أعقب آخرَ ، بعد ذهاب حكومة ومجيء سواها، إلا أن الشروط بقيت ذاتها… وفشل المشروع، أو أُفشل.
واليوم لا نشك في أن الظروف قد تبدلت(…). وبالتالي فلا شك في أننا سنرى، في العام المقبل، ولادة «فلاي بيروت» بإذن الله الذي هو ولي التوفيق.
khalilelkhoury@elshark.com