أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون «ان اللبنانيين لن ينسوا دعم العراق والعراقيين لهم في مختلف الظروف، وخصوصا خلال الحرب الاخيرة التي عاشها لبنان»، مشيرا الى «وجود الكثير من المشاريع المشتركة بين البلدين والتي تعود بالنفع عليهما معا، لافتاَ الى كثرة التحديات لا سيما موضوع الارهاب، والذي يلقى عناية كبيرة من الجانبين». واعتبر «ان ما يجري في غزة امر غير مقبول، وعلى المجتمع الدولي التحرك فوراً للتصدي للحالات غير الانسانية التي تسود في غزة، وهي مسؤولية تقع على عاتق هذا المجتمع».
مواقف عون أطلقها من العراق، التي زارها أمس ليوم واحد، تلبية لدعوة رئاسية، وفي خلال القمة اللبنانية العراقية في القصر الرئاسي في بغداد، التي عقدها ونظيره الرئيس عبد اللطيف رشيد، الذي عبر عن ارتياحه»، «لما شهدته الاوضاع اللبنانية من تحسن في الفترة الاخيرة»، مشيرا الى: «ان هذا الشعور يخالج العراقيين جميعا».
واكد رشيد «الاستعداد للتعاون في المجالات كافة»، متمنيا «النجاح للبنان في ظل قيادة الرئيس عون وفي ضوء التطورات الايجابية التي يشهدها البلد، مؤكداً وقوف العراق الى جانب لبنان».
وكان الرئيسان عون ورشيد عقدا لقاء استغرق نحو 30 دقيقة، تم خلاله عرض الاوضاع العامة في المنطقة، والجهود التي يبذلها البلدان لتعزيز الاستقرار والامن في ربوعهما. أعقبه لقاء موسع إستهله الرئيس العراقي بالترحيب بضيفه اللبناني في «بلده الآخر» العراق. . واستعرض الاوضاع في العراق، مشدداً على اهمية التنسيق بين البلدين في كل المجالات، مشيراً الى توق العراقيين لعودة «ايام العز» الى الربوع اللبنانية، ليشاطروا اشقاءهم اللبنانيين الفرحة بعودة بلدهم الى المكانة التي تليق به، مع العلم ان العراقيين لم يغيبوا ابداً عن لبنان حتى في احلك الظروف واقساها.
ورد الرئيس عون، شاكراً للرئيس رشيد حفاوة الاستقبال. وقال: «ان العراق هو بلدنا الثاني وان العلاقات بين البلدين عميقة ومتجذرة في التاريخ، واتيت الى بغداد لشكر العراق والعراقيين باسم الشعب اللبناني، على وقوفهم الى جانب لبنان واللبنانيين خلال الظروف الصعبة التي عصفت بهم».
ولفت الى ان «اللبنانيين لن ينسوا هذه المبادرات الكريمة ولا سيما ارساليات النفط التي ساعدت على توفير حلول عملية لازمة الكهرباء والطاقة بشكل عام». وتحدث عن «احتضان العراق للبنانيين خلال الحرب الاخيرة، والعمل على اعادتهم الى بلدهم الام بمبادرة كريمة منهم».
ولفت الى «كثرة التحديات لا سيما موضوع الارهاب، والذي يلقى عناية كبيرة من الجانبين حيث يتم التنسيق بشكل دائم، وهو ما يقوم به المدير العام للامن العام اللواء حسن شقير وباقي المسؤولين الامنيين في لبنان، مع الجانب العراقي».
ثم عدّد الاصلاحات التي تعمل الحكومة اللبنانية على تنفيذها في شتى المجالات، وخصوصاً منها الاقتصادية والمالية، اضافة الى العمل على تحسين باقي الملفات ومعالجتها. وتوقف عند الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على لبنان، واستمرار الاسرائيليين في احتلال النقاط الخمس داخل الاراضي اللبنانية، وعدم الانسحاب منها، والامتناع عن تسليم الاسرى، وهي كلها امور تقوّض جهود السلام واستكمال انتشار الجيش اللبناني تنفيذاً للقرار الدولي 1701، الذي التزم به لبنان. ثم تطرق الرئيسان الى الوضع في فلسطين، واتفقا على ضرورة انهاء الاجرام الذي تشهده غزة، وسياسة قتل الابرياء، وعلى ضرورة الاستمرار في دعم القضية الفلسطينية وعدم السماح بتقويضها. وشدد الرئيس عون في هذا المجال على ان ما يجري هو امر غير مقبول، وانه على المجتمع الدولي التحرك فوراً للتصدي للحالات غير الانسانية التي تسود في غزة، وهي مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي. ثم تطرق الحديث الى العلاقات مع سوريا، واكد الرئيس عون على ان التنسيق قائم بين الجانبين على الصعيد الامني، لضبط الحدود وتفادي نشوء اشكالات جديدة كالتي حصلت في الفترة الاخيرة، وتعزيز التعاون الامني في هذا المجال بين البلدين لما فيه مصلحتهما معاً. وجدد «شكر العراق والعراقيين على مساندتهم الدائمة للبنان والرغبة في مساعدته في كل المجالات»، ووجه دعوة الى الرئيس رشيد لزيارة لبنان عندما تسمح له الظروف بذلك.
وحضر اللقاء عن الجانب العراقي كل من: رئيس هيئة المستشارين والخبراء علي الشكري، مدير مكتب رئيس الجمهورية العراقي الفريق كهدار محمد سعيد، والمستشارون: عبد الله الزيدي، عدنان الجرجري، اسراء فؤاد.
وحضر عن الجانب اللبناني: السفير اللبناني لدى العراق علي حبحاب، المدير العام للامن العام اللواء حسن شقير، والمستشارون: العميد اندريه رحال وجان عزيز ونجاة شرف الدين ،ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا. ومن القصر الرئاسي، توجه عون الى مقر رئاسة الحكومة العراقية والتقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي اقترح تشكيل لجنة مشتركة للتبادل التجاري واخرى للتنسيق السياسي والامني بين البلدين لما يعود بالمنفعة عليهما، وهو ما ايّده الرئيس عون.
وشدد الرئيس السوداني على «عمق العلاقات بين البلدين وعلى استعداد العراق الدائم لمساعدة لبنان في المجالات كافة، والرغبة في تطوير وتعزيز هذه العلاقات». كما تطرق الرئيس السوداني الى قمة بغداد، وما نتج منها من قرارات لا سيما صندوق التعافي الذي اقترحه وتقديمه مساهمة بقيمة 20 مليون دولار للبنان، ومبلغ مماثل للفلسطينيين، معرباً عن الجهوزية لوضع آلية لدعم هذا الصندوق.
وأعلن السوداني «الاستمرار في تقديم كل اشكال الدعم للشعب اللبناني الشقيق»، وقال: «نحن ندعم التوافق السياسي الداخلي للبنان، في اطار التزامنا بمنهجنا الاساس في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين (…)»..
في المقابل، اكد الرئيس عون أن «اللبنانيين يحفظون بامتنان المبادرات العراقية لمساعدتهم، في لائحة يطول تعدادها، خصوصاً في الازمة الاخيرة التي مر بها نتيجة الحرب الاسرائيلية عليه» . ولفت خلال لقائه رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني في القصر الحكومي في بغداد، الى «وجوب تعزيز التعاون بين مختلف الادارات العراقية واللبنانية، والى اهمية التعاون بين الجيشين العراقي واللبناني». ووجه الرئيس عون دعوة الى الرئيس السوداني لزيارة لبنان، مركزاً على تعويل اللبنانيين على رؤية اشقائهم العراقيين في الربوع اللبنانية للترحيب بهم.
وأقام الرئيس السوداني مأدبة غداء على شرف الرئيس عون الذي توجه بعدها والوفد المرافق، الى مقر البطريركية الكلدانية للقاء البطريرك لويس روفائيل الاول ساكو.
وأجرى عون، قبيل مغادرته بغداد، اتصالا بنجل المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، السيد محمد رضا السيستاني، اطمأن خلاله الى صحته وصحة والده، متمنيًا له الشفاء العاجل، «على أمل أن تتاح له فرصة زيارته في وقت لاحق».
وقد شكر السيد محمد رضا السيستاني الرئيس عون على مبادرته، متمنيًا له «دوام التوفيق في مسؤولياته الوطنية» .
وكان عون وصل قبل ظهر أمس، حيث كان في إستقباله رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني ومدير مكتبه احسان العوادي، ورئيس جهاز الامن الوطني العراقي عبدالكريم البصري وعدد من كبار المسؤولين العراقيين، والسفير اللبناني في العراق علي حبحاب والقائمة باعمال السفارة ندى مجول واركان السفارة.
رئيس الجمهورية
يشكر بن زايد
أعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس جوزف عون أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث شكره على إيفاده بعثة للاطلاع على حاجات لبنان. وأكد عون أن مجيء البعثة يعكس اهتماماً صادقاً يعكس عمق العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وكان الرئيس عون قد استقبل الثلاثاء الماضي في قصر بعبدا الوفد الإماراتي الذي جاء إلى بيروت ترجمةً لنتائج القمة اللبنانية-الإماراتية، للاطلاع على حاجات الدولة اللبنانية وأولوياتها.