دعا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، خلال لقاء القمة الذي عقده مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي امس في قصر الاتحادية في القاهرة، إلى «قيام نظام المصلحة العربية المشتركة، لتجديد الاخوة على مفهوم عروبة المستقبل»، مؤكدا أننا «نطمح إلى إقامة سوق إقليمية مشتركة قد نبدأها بخطوة واحدة بين بلدين اثنين ثم نتوسع بها عبر القطاعات والجغرافيا حتى نحقق خير بلداننا وشعوبنا كافة». واعتبر ان الامر «يتطلب استقرارا ثابتا لا يقوم إلا على سلام دائم وفق ما أقرته الدول العربية في مبادرة بيروت للسلام سنة 2002، «نتطلع الى ترسيخه في اقرب وقت». وإذ اكد الرئيس عون ان «السلام يبدأ بالنسبة للبنان بالتزامه الكامل بالقرار 1701 والتشديد على اهمية دور القوات الدولية وضرورة وقف الاعمال العدائية التي تقوم بها اسرائيل والعودة الى أحكام اتفاقية الهدنة للعام 1949»، دعا المجتمع الدولي الى «تحمل مسؤولياته في إلزام اسرائيل تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 26 تشرين الثاني الماضي، والانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية، واعادة الاسرى اللبنانيين كافة»، كما اكد «حرص لبنان على قيام أفضل العلاقات مع سوريا وعلى اهمية التنسيق معها وخصوصا في ما يتعلق بملف النازحين السوريين»، معربا عن «دعم لبنان لكل الجهود الهادفة الى حفظ وحدتها وسيادتها»، وترحيبه بقرار «رفع العقوبات عنها».
الرئيس السيسي
بدوره، اكد الرئيس السيسي ان بلاده «لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية لكنها تحرص على علاقات متينة معه»، مشددا على «الحرص على دعم جهود لبنان فى إعادة الإعمار»، مجددا دعوة المجتمع الدولي «لتحمل مسؤولياته في هذا الاطار»، كما شدد على «موقف مصر الثابت فى دعم لبنان، سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلي، أو صون سيادته الكاملة ورفضها القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة ضد الأراضي اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها». وقال: «ان مصر تواصل مساعيها واتصالاتها لدفع إسرائيل نحو انسحاب فوري وغير مشروط من كامل الأراضي اللبنانية، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن للقرار 1701 دون انتقائية». كذلك شدد الرئيس المصري، على ان «امام اللجنة المشتركة التي ستعقد اجتماعها في القاهرة في وقت يحدد لاحقا، مواضيع كثيرة للبحث، ولكن على المستوى السياسي يجب ان يكون هناك صوت داعم للبنان ولرئيس الجمهورية لا سيما في ما يتعلق بالمطالبة بانسحاب الجيش الإسرائيلي من التلال الخمس ومعالجة القضايا الباقية في لبنان بهدوء وانتظام حسب رغبة الرئيس اللبناني للمحافظة على الامن والاستقرار في البلد».
الوصول الى قصر الاتحادية
وكان الرئيس عون وصل الى قصر الاتحادية والوفد المرافق عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، حيث كان في استقباله الرئيس السيسي عند مدخل القصر. وبعدما عزفت موسيقى حرس الشرف النشيد الوطني اللبناني ثم النشيد الوطني المصري واستعراض القوى، توجه الرئيسان بين ثلة من الرماحة الى داخل القصر، حيث حيا الرئيس عون العلم المصري ثم قائد حرس الشرف قبل ان يصافح الوفد الرسمي المصري، فيما صافح الرئيس السيسي الوفد الرسمي اللبناني.
مباحثات ثنائية وموسعة
وبعد انتهاء مراسم الاستقبال والتقاط الصور التذكارية في البهو الداخلي، توجه الرئيسان عون والسيسي الى المكتب الخاص للرئيس المصري وعقدا محادثات ثنائية قبل ان ينتقلا الى الصالون الرئاسي، حيث انضم الى الرئيسين اعضاء الوفدين اللبناني والمصري، وعقدت محادثات موسعة حضرها عن الجانب المصري، رئيس ديوان رئيس الجمهورية اللواء احمد علي، وزير الخارجية وشؤون المصريين في الخارج الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المهندس محمود عصمت، سفير مصر لدى لبنان علاء موسى، مدير مكتب رئيس الجمهورية المستشار عمر مروان والمتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير محمد الشناوي. وعن الجانب اللبناني، وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، سفير لبنان لدى مصر علي الحلبي، المستشار الخاص لرئيس الجمهورية العميد اندره رحال، المستشار السياسي جان عزيز، الناطقة باسم رئاسة الجمهورية نجاة شرف الدين ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.
الأزهر
كما زار رئيس الجمهورية مشيخة الازهر الشريف حيث كان في استقباله عند المدخل الخارجي للمشيخة الامام احمد الطيب مرحباً بالرئيس عون والوفد المرافق. في مستهل اللقاء صافح الرئيس عون الوفد المصري الذي شارك في الاجتماع الموسع وضم وكيل الازهر الشريف محمد عبد الرحمن الدويني، رئيس جامعة الازهر سلامة داود، عباس شومان امين عام هيئة كبار العلماء، سحر نصر وزيرة التعاون الدولي السابقة، الامينة العامة لصندوق الزكاة والصدقات المصري، محمد الجندي الامين العام لمجمع البحوث الاسلامية، الشيخ احمد عبد الغني رئيس قطاع المعاهد الازهرية، السفير قادري عبد المطلب مستشار الامام الشيخ الازهر للبروتوكول، السفير عبد الرحمن موسى مسؤول الطلاب الوافدين في الازهر. اما عن الجانب اللبناني فحضر وزير الخارجية، والمستشارون العميد اندره رحال، جان عزيز، نجاة شرف الدين ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا. وتحدث الامام الطيب مهنئاً الرئيس عون على انتخابه، متمنياً له التوفيق في مسؤولياته الرئاسية. وقال: «ان لبنان في قلب كل عربي وكل مصري وانا اقدر انكم انتخبتم في ظل ظروف صعبة ولكن استبشرنا خيراً ونأمل لكم كل التوفيق في عملكم.» واكد ان الازهر الشريف مع الشعب اللبناني ووحدة ارضه آملاً ان يجتمع شمل جميع اللبنانيين حول الرئيس عون وقال «نحن نؤيدكم في جميع المواقف التي تتخذونها لاسيما تلك المتعلقة بتحرير الارض». وكشف الامام الطيب خلال اللقاء ان لمشيخة الازهر معهداً في لبنان ولكنه اغلق نتيجة التطورات الاخيرة. ورد الرئيس عون شاكراً للامام الطيب على رحابة استقباله مع الوفد المرافق في هذا الصرح العريق وقال انه يتابع عن قرب المواقف التي تصدر عن امام الازهر خصوصا في ما يتعلق بالحوار بين الاديان من اجل تحقيق المواطنة. وقال الرئيس عون «ان المنطقة في حاجة الى عقلاء مثل الامام الطيب ونتمنى ان نراك قريباُ في بيروت لمزيد من التواصل بين لبنان والازهر الشريف».
وتمنى الرئيس عون على الامام الطيب العمل على اعادة فتح معهد الازهر في لبنان في وقت قريب على ان يتم ذلك بحضور الامام نفسه. من جهته، اعرب شيخ الازهر في هذا السياق عن استعداده لاعادة افتتاح المعهد
جامعة الدول العربية
والى ذلك، زار رئيس الجمهورية مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، حيث استقبله الأمين العام أحمد أبو الغيط، الذي أطلعه على نتائج قمّة بغداد وأبرز قراراتها، وفي مقدّمها إنشاء صندوق التعافي.
الرئيس عون للبابا تواضروس الثاني:
من لديه النية لإحلال السلام يتخطى كل العقبات
واختتم الرئيس عون زيارته الرسمية لجمهورية مصر العربية، بلقاء قداسة البابا تواضروس الثاني – بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في المقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية في منطقة العباسية في القاهرة، حيث وصل اليها والوفد المرافق عند الساعة الرابعة والنصف، وكان في استقباله عند المدخل الخارجي للكاتدرائية، البابا تواضروس الثاني وتوجها معاً الى البهو الداخلي حيث صافح الرئيس عون الوفد المصري.
ثم انتقل الرئيس عون والبابا تواضروس الثاني الى الصالون الكبير حيث عقدا خلوة، انضم اليهما بعد انتهائها الوفدان المصري واللبناني في لقاء موسع صافح في مستهله البابا تواضروس الوفد اللبناني المرافق.
وشكر الرئيس عون قداسة البابا على حفاوة الاستقبال والكلمة التي ألقاها وما تضمنته من مشاعر صادقة. وقال الرئيس عون أن لبنان مرّ «بمرحلة سابقة لا نرغب ان تعود وعلينا التطلع قدماً، وقد اخذنا القرار كرئاسة وحكومة ومجلس نواب ان نضع لبنان على السكة الصحيحة، بمساعدة المحبين(…). تفضلتم وقلتم إن صنع السلام صعب، ولكنه ليس مستحيلاً، ومن لديه النية لاحلال السلام يتخطى كل العقبات. لقد عانى لبنان ما عاناه من الحرب، وهو يبحث عن السلام، واخذ الشعب اللبناني قراراً بعدم الرجوع الى الحرب، لان الحروب لم تجلب لبلدنا الا الدمار. نأمل، بدعم مصر ودعمكم وصلواتكم، ان ينعم لبنان بالسلام ويستعيد أيامه المشرقة التي يعرفه فيها العالم، واجدد شكري لاستقبالكم لنا في هذا الصرح الكريم، كما نأمل ان نراكم في لبنان.»