كتب عوني الكعكي:
استوقفني تصريح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني. هذا المسؤول المعروف بقربه من المرشد الأعلى السيّد علي خامنئي، وهو جاء من العراق الى لبنان. لكنه هذه المرّة لم يستطع أن يمر بطائرته عبر الأجواء السورية، لأنّ السلطات السورية رفضت للطائرة التي تقل لاريجاني بعبور الأجواء السورية، لذلك اضطرت طائرة لاريجاني أن تذهب الى تركيا وتأتي الى لبنان عن طريق تركيا.
هذا الموقف وحده يكفي للقول إنّ تصريح أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، غير قابل للتنفيذ، لأنّ هناك مستجدات وقعت يجب أخذها بالاعتبار.
إذ إنّ الدعم العسكري الذي كانت الجمهورية الإسلامية تقدّمه الى لبنان كان يمرّ عبر سوريا وهو توقف، وهذا يعني أن هناك مشكلة وهي حتى لو افترضنا أنّ إيران تريد أن ترسل السلاح الى حزب الله فهناك صعوبة كبيرة لتحقيق هذا الهدف.
من ناحية ثانية لا يزال سؤال يطرح نفسه: إن السلاح الذي يتمسّك به الحزب سقط سقوطاً كبيراً، فهل ينجح أي سلاح جديد في تحقيق النصر… هذا إن وصل وهو أمر مستحيل؟
ثم السؤال: (1) أين قائد المقاومة التاريخي شهيد فلسطين حسن نصرالله الذي كان عقل المقاومة المدبّر؟
(2) وأين قيادة المقاومة وأعني هنا الصف الأول؟
(3) وأين ابن خالة القائد السيّد هاشم صفي الدين الذي عُيّـن بعد استشهاد السيّد حسن نصرالله؟
(4) وأين 6000 عضو من فرقة «الرضوان» الذين تعرّضوا للإعاقة وبتر أعضائهم والبعض الآخر فقدوا نعمة البصر والبعض استشهدوا جرّاء الحادث الأليم؟
(5) إنّ 25 سنة غير كافية لتقنع الحزب العظيم أنّ سلاحه لم يَعُد يضر ولا ينفع؟
(6) إنّ 25 سنة أي منذ يوم التحرير في 25 أيار عام 2000، أي اليوم الذي أعلنت فيه إسرائيل انسحابها من لبنان، لم يعد الحزب كما كان عليه في الماضي. وأسأل: ماذا فعل الحزب بعد النصر وحتى يومنا هذا؟
(7) عام 2006 دمّر لبنان تحت شعار «لو كنت أعلم»، واستشهد 5000 مقاتل ومواطن مع عدد من جرحى الجيش اللبناني ومن الشعب اللبناني ومن الحزب، وخسر لبنان 15 مليار دولار جرّاء ما دمرته إسرائيل في الجنوب وبيروت من طرقات وجسور ومحطات كهرباء.
(8) مع أن قرار دخول الحزب جاء نتيجة رغبة من القائد حسن نصرالله بغية إسناد غزة، وكان قراراً إنسانياً ووطنياً ودينياً بامتياز، ولكننا لم نعرف أن نستغله حين جاء مندوب أميركا آموس هوكشتين الى لبنان كي يجري اتفاقاً مع إسرائيل لوقف الحرب وإطلاق الصواريخ مقابل انسحاب إسرائيلي من 23 نقطة خلاف وليس 5 كما يطالب لبنان… ومعها إعادة النظر في الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان لكن لبنان والحزب تحديداً فوّت الفرصة.
في الحقيقة إن الدعم الإيراني بالنسبة للسلاح سقط.. يبقى الدعم المالي. وهذا الدعم أصبح أيضاً صعباً لأنّ هناك تغيّرات كبيرة حصلت، منها:
1- إن إيران نفسها تعاني من أزمات مالية كبرى بدأت بانهيار سعر صرف «التومان» أمام الدولار، كذلك كلفة ما خسرته إيران من تدمير للمفاعلات النووية في نطنز وفوردو وأصفهان.
2- اثنا عشر يوماً من القصف العنيف الذي قامت به الطائرات الأميركية واستعمالها قذائف خارقة للتحصينات، والطائرات الإسرائيلية بقصفها العاصمة طهران ومدينة أصفهان حتى وصلت الى مدينة قم. فكم هي الخسائر التي نتجت؟ وللعلم فإنّ إيران لا تجرؤ على الاعتراف خوفاً من الشعب الإيراني.
3- تدهور أسعار النفط وصعوبة التصدير، علماً أن النفط قد يكون المورد شبه الوحيد للدخل الإيراني.
أخيراً، من هنا نقول لإخواننا وشركائنا في الوطن: أعيدوا حساباتكم… الأمور تغيّرت ولم تعد الأمور كما كانت.. والأهم حتى لو أرادت إيران أن تدعمكم بالسلاح والمال فكيف وما هي الوسائل؟؟؟