كتب عوني الكعكي:
الانتصار الكبير الذي حقّقه اللبنانيون على إسرائيل، يوم أعلنت الدولة العبرية انسحابها من لبنان بدون قيد أو شرط، كان ذلك بتاريخ 25 أيار (مايو) عام 2000.
يومذاك أراد الشهيد الكبير الرئيس رفيق الحريري أن ينفّذ ما جاء في الاتفاق حول إرسال الجيش اللبناني الى الجنوب، فقامت الدنيا ولم تقعد، خصوصاً أنّ رئيس «المايوهات» ذات الألوان الفوسفورية الذي خرّب الدنيا، ورفض إرسال الجيش. وبذلك خسر اللبنانيون أكبر فرصة ذهبية، وهي أن تعلن إسرائيل، ولأوّل مرّة في تاريخها الانسحاب من غير شروط مسبقة.
بعد ذلك أقدم الحزب العظيم على خطف جنديين إسرائيليين بحجة تحرير أسراه، مما تسبّب بخسارة الحرب ضد إسرائيل، وخسرنا 7000 قتيل وجريح من الجيش اللبناني وقوى الأمن والمواطنين ومن الحزب العظيم، الى خسائر في البنية التحتية ومعامل الكهرباء والجسور والطرقات بقيمة 15 مليار دولار باتت ديوناً على الشعب اللبناني.
يومذاك اعترف سيّد المقاومة وشهيد فلسطين السيّد حسن فقال: «لو كنت أعلم». نعم بكل بساطة «لو كنت أعلم».
ثم دخل الحزب في حرب مساندة أهل غزة في اليوم الثاني في 8 أكتوبر 2023، إثر عملية «طوفان الأقصى».. وهنا لا بدّ من القول إنّ شهيد فلسطين دخل الحرب ضد إسرائيل إنسجاماً مع الشعارات التي رفعها منذ اليوم الأول لتأسيس الحزب، وانسجاماً مع شعارات «الشيطان الأكبر» و «الشيطان الأصغر»، و «الموت لأميركا» و «الموت لإسرائيل».
المصيبة الكبرى كانت في الشهر الأول لدخول الحزب حرب مساندة أهل غزة، حين اضطرت إسرائيل الى نقل 80 ألف مواطن إسرائيلي من شمال فلسطين المحتلة الى الداخل خوفاً من صواريخ المقاومة. بالمقابل تكبّد اللبنانيون خسائر كبرى بتهجير 800 ألف مواطن لبناني من جنوب لبنان.
وفي الشهر الأول جاء المندوب الأميركي آموس هوكشتين حاملاً اتفاقاً بأن يتوقف الحزب عن إطلاق الصواريخ الى شمال فلسطين المحتلة، مقابل انسحاب إسرائيل من 23 نقطة تحتلها في جنوب لبنان، هذا أولاً… ثم إعادة النظر بالاتفاق البحري حيث كان لبنان قد خسر 900 كيلومتر بنتيجة الاتفاق المبرم.
طبعاً رفض الحزب، بالمقابل نصح الرئيس نبيه بري السيّد حسن بضرورة أن نغتنم تلك الفرصة، لكن السيّد حسن ظلّ رافضاً.
والمصيبة الأخرى أنّ ذلك العرض كرّره المندوب الأميركي 11 مرّة، وفي كلّ مرّة كان الرئيس بري ينصح الحزب، لكن السيّد حسن ظلّ مصرّاً على موقفه، حتى جاءت الفاجعة أعني هنا كارثة «البيجر» في 17 و18 أيلول 2024 والتي قتلت وقطّعت أوصال عناصر الحزب، وأصيب بالعمى والإعاقة 6000 من خيرة شباب فرقة «الرضوان». وقال السيّد يومذاك في خطاب له: «إننا نعترف بأنّ إسرائيل متفوّقة علينا بالتكنولوجيا، وعلينا أن نعيد حساباتنا».
لم تمضِ أيام معدودات حتى جاءت القنابل الأميركية التي تخترق التحصينات GBU-57 ذات الوزن 15 طناً لتخترق التحصينات بعمق 80 متراً.
وهذه القنابل قضت على شهيد فلسطين السيّد حسن ومعه ابن خالته السيّد هاشم صفي الدين وكامل قيادة الحزب.
توصلنا الى اتفاق وقف إطلاق النار… وهنا المصيبة الأكبر وهي أن إسرائيل لا تريد السلام تحت أي ظرف… وهي مستعدّة لإيجاد المبرّرات اليومية لتخرق الاتفاق كما تفعل منذ اليوم الأوّل…
إنطلاقاً من ذلك أنصح الحزب أن يتحوّل الى حزب سياسي لبناني غير تابع لأوامر ولاية الفقيه في إيران، خصوصاً أنّ إيران لم تستطع أن تدافع عن نفسها، فحققت إسرائيل تفوّقاً كبيراً عليها خلال 12 يوماً، كانت الأجواء الإيرانية مسرحاً مفتوحاً للطائرات الإسرائيلية لضرب طهران العاصمة ومشهد وتبريز، وضربت المنشآت النووية في فوردو وأصفهان ونطنز، ولم تستطع إيران أن تفعل شيئاً.
أكرّر، وبكامل المحبّة: ارحموا الشعب اللبناني الذي دفع الكثير من شبابه ومن ماله ومن اقتصاده.. ويكفي أنّ الشيخ راشد المكتوم، كان يقول: «أتمنى أن يكون في مدينة دبي شارع مثل شارع الحمراء».
سبحان الله، كيف انعكست الأمور، فأين أصبح لبنان اليوم وأين أصبحت دبي؟
نتمنى أن نكون فقط مثل «مول دبي».
فهل يستجيب الحزب لنداء العقل؟ أم أنّ الأوامر الإيرانية لا تزال فعّالة؟
كذلك، أذكّر أين كان بشار الأسد وأين صار اليوم..؟
تذكّروا لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين.
aounikaaki@elshark.com