كتب عوني الكعكي:
لا شك أنّ الرئيس بري يعلم علم اليقين، أنّ الأوضاع في لبنان، وبالأخص ما يتعرّض له الجنوب وأهل الجنوب، جرّاء العدوان الإسرائيلي لم تعد تُتحمّل، خصوصاً أنّ التفوّق الإسرائيلي بات يفوق التصوّر.
إنطلاقاً من هذا، وحرصاً على أهل الجنوب وعموم اللبنانيين، أصبحنا بحاجة الى عملية إنقاذ… فإسرائيل، ومنذ اللحظة الأولى لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، لم تلتزم للحظة واحدة بهذه الاتفاقية، بل على العكس، إذ يكفي أنها تغتال يومياً 3 أو 4 مواطنين بحجة أنهم من الحزب، أمّا المسيّرات فلا تفارق سماء لبنان كله لا في الليل ولا في النهار.
صحيح أن الرئيس بري كان قد نصح شهيد فلسطين السيد حسن نصرالله منذ مجيء المندوب الأميركي أموس هوكشتين حاملاً معه اتفاق سلام، بقبول الاتفاق. إذ رأى الرئيس بري أنّ علينا أن نوافق على الاتفاق الذي جاء به هوكشتين.
السؤال: لماذا؟
بكل صراحة، العرض الذي جاء به هوكشتين أفضل ما يمكن أن نحصل عليه، لأنّ إسرائيل اليوم لا تقبل به…
أما ماذا يحتوي مشروع هوكشتين، فهو ينص على:
أوّلاً: انسحاب إسرائيلي من 23 «نقطة خلاف» بين لبنان وإسرائيل لا من 5 نقاط فقط كما يُروّج في الإعلام.
ثانياً: إعادة النظر بالاتفاق البحري، وإرجاع 800 كيلومتراً في البحر الى لبنان.
ثالثاً: مزارع شبعا وتلال كفرشوبا داخل النقاط الـ23 التي كان من المقرّر إعطاؤها الى لبنان.
رابعاً: الذهاب الى هدنة طويلة.
استمرّ الرفض إحدى عشرة مرّة منذ بداية مشاركة الحزب في «حرب الإسناد لغزة». وكي نكون منصفين، فإنّ شهيد فلسطين السيّد حسن كان مقتنعاً بضرورة مساندة أهل غزة، ولم يتزحزح قيد أنملة واحدة عن قناعاته، خصوصاً أنّ الموضوع بالنسبة له موضوع مبادئ لا يخضع للمساومة.
اليوم نرى أننا أخطأنا، وأنّ شهيد فلسطين كان على خطأ، لأنّ الفرصة لا تتكرّر بوجود عدو ماكر لعين مجرم، قائم على قتل الأطفال والنساء، ويحمل مشروع إبادة الشعب الفلسطيني… هذه هي حقيقة المشروع اليهودي.
أما اليوم، فماذا نفعل؟ علينا أن نتمسّك بقيادتنا السياسية، أي أن نكون خلف رؤسائنا: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحكومته النظيفة، ورئيس مجلس النواب الرجل العاقل والمميّز. كما أنّ علينا أن نترك لهم كيفية إدارة العملية التي تؤدي الى الاتفاق بالطرق الديبلوماسية…
أما بالنسبة للحزب، وبغض النظر عن بعض «التصريحات» العنترية التي لم يعد الشعب يصدّقها، فإنّ عليه أن يلتزم بما تطلبه الشرعية اللبنانية، وذلك حرصاً على الشعب اللبناني الذي لم يعد يتحمّل نتائج أي حروب أخرى بعد أن وصل الى الحضيض.
أخيراً… على الحزب أن يقف موقفاً تاريخياً… ويقول، إنّه قام بواجبه يوم حرّر الجنوب في عام 2000، يوم أعلنت إسرائيل انسحابها، وأن يطلب من الحكومة أن تعمل على تخليص الشعب والبلاد من شر إسرائيل.
وللمناسبة، كانت رسالة الزعيم الشيعي الكبير آية الله السيستاني الى إيران في المنحى نفسه الذي ذهب إليه الوزير علي حسن خليل مكلفاً من الرئيس نبيه بري حول الأوضاع في لبنان… ويبدو أنّ الجميع يلتقون حول الحفاظ على أهل الجنوب.