مأساة مسلمي الهند: هندوسي مجرم حرب رئيساً للدولة..

بقلم محمد السماك

«أساس ميديا»

تروي مجلّة “إيكونوميست” البريطانية (العدد 15 في كانون الثاني 2022) عن أحد الرهبان الهندوس قوله: “على جميع الهنود أن يحملوا أسلحتهم وأن يشنّوا حملة تنظيف شاملة. وإذا أصبح مئة منّا جنوداً وقتلوا مليونين منهم فسوف يُكتب لنا النصر”. والمقصود بكلمة “منهم” المسلمون الذين يبلغ عددهم في الهند 200 مليون إنسان.

تقول المجلّة إنّ هذا الراهب ليس وحيداً، فالحزب الحاكم الذي يتزعّمه رئيس الوزراء ناريندرا مودي (الحزب الوطني الهندوسي) يقوم على كراهية الإسلام ومحاربة المسلمين. وصلت هذه الكراهية إلى حدّ منع المسلمين من أداء الصلاة في الساحات الممتدّة أمام المساجد. وتتعرّض الفتيات المسلمات المحجّبات للاعتداء في الشارع وتمزيق حجابهنّ، بمن في ذلك طالبات المدارس.

هناك دوريّات من المتشدّدين الهندوس تجوب بيوت المسلمين في الأحياء والقرى بحثاً عن “دليل الجريمة”. والدليل الذي يجري البحث عنه هو إمّا حجاب امرأة أو قطعة من اللحم في الثلّاجة. ذلك أنّ البقر مقدّس لدى الهندوس، والمسلمون يأكلون لحم هذا الإله – الحيوان المقدّس.

رئيس الوزراء الهندي: مجرم حرب

كثير من المساجد جرى تدميرها. وبعضها تحوّل إلى معابد هندوسية، خاصة في ولاية “أوترابراديش” كبرى الولايات التي كان يرأس حكومتها المحلّية الرئيس الهندي الحالي مودي. ونظراً لحجم جريمة القتل الجماعي التي ارتُكبت في عهده وبإيعاز منه شخصيّاً اعتبرته الولايات المتّحدة مجرم حرب ووضعت اسمه على لائحة الممنوعين من دخولها. فأثناء تلك المجزرة جرى تهديم مسجد تاريخي في مدينة “ايوده” بحجّة أنّه بُني فوق الأرض التي وُلد فيها الإله الهندوسي “فشنا”، ويريد الهندوس الآن بناء معبد لهم مكان المسجد.

استعداء كل من هو غير هندوسي

غير أنّ الموقف الأميركي من الرئيس مودي تغيّر بعدما وصل من خلال العنصرية الهندوسية المتشدّدة إلى قيادة الدولة الهندية. وفي الصراع التنافسي بين الولايات المتّحدة والصين، تحتاج واشنطن إلى استرضاء الهند لتكون حليفاً لها في هذا الصراع، ولذلك طوت صفحة الإدانة واستبدلتها بالترحيب الحارّ!

لا يستعدي الحزب الوطني الهندوسي الحاكم المسلمين فقط. ولكنّه يستعدي أيضاً كلّ من هو غير هندوسي، وخاصّة المسيحيين. وقد تعرّضت جامعة سان جوزف التابعة للكنيسة الكاثوليكية لسلسلة من الاعتداءات بحجّة أنّها تمارس التبشير بالمسيحية. ودمّر الغوغاء الهندوس كنيستها وبعض مبانيها في مدينة مادهيا برادش، حيث توجد الجامعة الكاثوليكية، علماً بأنّ المسيحيين في الهند يشكّلون أقليّة صغيرة (واحد في المئة من المواطنين).تعرّض أيضاً “السيخ”، وهم من الطوائف الدينية الكبيرة في غرب الهند، لقتل جماعي إثر اغتيال رئيسة الحكومة الهندية السابقة أنديرا غاندي على يد أحد حرّاسها وكان من السيخ.

ربّما أخطر ما يتعرّض له المسلمون في الهند إلى جانب الاضطهاد الديني هو امتناع السلطات الرسمية عن تسجيل المواليد الجدد بحجّة مفبركة تطعن بالأصول الهندية للآباء، ولو كانوا يحملون الجنسية الهندية. وقد أصدرت السلطات الرسمية قانوناً باعتبار كلّ من لا يحمل “الهويّة الهندية” لاجئاً غير شرعي يجب إبعاده فوراً إلى خارج البلاد. وينصّ القانون ذاته على أنّه إذا كان فاقد الهويّة غير مسلم فعلى السلطات المحلّية أن تنظر بأمره. أمّا إذا كان مسلماً فالتعامل معه يكون حصراً بالترحيل الفوريّ.

من المعروف أنّ سكّان القرى الفقيرة المتناثرة في الأرياف نادراً ما يحتاجون إلى هويّة. وهم يتجنّبون حتّى التسجيل الرسمي للتهرّب من دفع النفقات والضرائب. والقانون لا يسمح بتصحيح وضع المواطن المسلم الفاقد للهويّة. أمّا إذا كان المواطن هندوسيّاً أو سيخيّاً (أو حتى من طائفة المنبوذين) فعلى السلطات المحلّية أن تنظر في أمره لتصحيح وضعه القانوني. المسلم فقط حتّى لو كان هنديّاً أباً عن جدّ، يجب إبعاده إلى ما وراء الحدود فوراً، ويُرفض طلبه الحصول على الجنسيّة.

فريق خاص لمحاربة المسلمين

شكّل الحزب الهندوسي فريقاً خاصّاً لمحاربة المسلمين ومطاردتهم في أيّ مكان. يُعرف اختصاراً اسم هذا الفريق من هؤلاء القتلة المتعصّبين بالأحرف الأولى (ر.س.س RSS). ويتمتّع أعضاؤه بمطلق الصلاحية للتخلّص من كلّ من يُعتقد أنّه مناوئ لدين الدولة الهندوسيّة قولاً أو عملاً. ولقد قُتل الآلاف من الأبرياء المسلمين على يد هذا التنظيم الإرهابي الذي يتمتّع أعضاؤه بغطاء شرعي.

غيّرت الحكومة الهندية أسماء مدن وحتّى أسماء شوارع وساحات عامّة لأنها كانت تحمل أسماء شخصيّات هندية إسلامية، علماً بأنّ أبا القنبلة النووية الهندية كان العالِم النووي “أبا الكلام” الذي كوفئ باختياره رئيساً للدولة قبل أن يصل الحزب الهندوسي إلى السلطة برئاسة مودي.

من هنا الصراع على كشمير بين الهند وباكستان هو وجه من وجوه الصراع الذي فجّره التطرّف الهندوسي الذي يزداد انتفاخاً وخطراً منذ أن تولّى الحزب الهندوسي السلطة. فالإلغائية لكلّ من هو غير هندوسي، مسلماً كان أو مسيحياً أو سيخيّاً أو غير ذلك، هي النشيد الوطني لما يُسمّى “الديمقراطية الكبرى في العالم”.

محمد السماك