كتب عوني الكعكي:
تمّ افتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر متحف في العالم، في الأول من تشرين الثاني (نوڤمبر) 2025، وترأس حفل الافتتاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومعه عدد كبير من الضيوف من ملوك ورؤساء وأمراء ورؤساء وزراء ووزراء جاؤوا من 79 دولة للمشاركة في حفل الافتتاح هذا.
ولا شك أنّ كل شيء في مصر له نكهة خاصة، ينعكس من طبيعة الشعب المصري الصادقة والمخلصة والوطنية والمؤمنة، التي لولاها لما كان هناك وجود للعالم العربي، خصوصاً أنّ جيش مصر البطل حرّر سيناء، واسترجع كل الأراضي التي احتلتها إسرائيل ومعها أكبر دولة في العالم.. والتي تملك أكبر ترسانة أسلحة..
الجيش المصري البطل والرئيس المؤمن أنور السادات استعادا أراضي مصر المحتلة بالسلاح وبالديبلوماسية، إذ استطاع أن يصبر على المكر اليهودي حتى استرجع كامل أراضيه، وبمعركة سلمية أثبت الرئيس السادات أنه رئيس مميّز وصاحب رؤية ثابتة وحنكة نادرة.
لن أتكلم كثيراً عن مصر ورئيسها وحكومتها وشعبها، لأنّ معظم اللبنانيين عندهم نقطة ضعف إسمها «الرئيس جمال عبدالناصر» محبوب الجماهير.
ولطالما نتحدّث عن الرؤساء في مصر، لا بدّ من الاعتراف أولاً بوطنية كل رئيس، ثانياً إيمانه بعروبته، ثالثاً القضايا العربية بالنسبة لأي رئيس أولوية ثابتة.
العالم العربي محظوظ بوجود رؤساء مميّزين وجيش مصري لا يدافع عن مصر فقط بل عن الأمة العربية بكاملها.. وأكبر دليل على ذلك، الموقف المصري الشريف عندما عُرض على الرئيس السيسي 300 مليار دولار كي يوافق على نقل أهل غزة، لكنه رفض.. بل بالعكس سوف يكشف التاريخ الموقف الوطني الذي وقفه الرئيس المصري بعدم موافقته على تهجير أهل غزة بالرغم من الإغراءات الكبيرة والوعود والتهديدات، بل ظلّ صامداً وثابتاً على موقفه الذي لم يتزعزع قيد أنملة. والأهم أنّ الحلّ في غزة جاء على يد ممثّل السيسي في اجتماع مصري وقطري وأميركي وتركي ومباحثات مع وفد إسرائيلي. تبيّـن أنّ الموقف المصري أجبر إسرائيل لترضخ للاتفاق خاصة بعد تدخّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً.
هنا، أعود الى الاحتفال بافتتاح المتحف لأقول:
أضاءت شاشات عملاقة الميادين والشوارع في مختلف محافظات مصر. والتفّ كثيرون حول أجهزة التلفزيون، في ليلة انتظرها كثيرون منذ سنوات، لمتابعة افتتاح أكبر متحف في العالم للحضارة المصرية القديمة.
إفتتحت مصر متحفها الكبير بوجود رئيسها عبدالفتاح السيسي في حفل مبهر وُصِف بالأسطوري.. وحضره ممثلو 79 دولة، وهو ركز على استعراض الحضارة المصرية القديمة وتراثها وامتداداتها في الحاضر. ورُفِع خلال الاحتفال «شعار السلام» الذي زيّن سماء المتحف.
وكما أشرنا، فقد حضر الاحتفال 79 وفداً رسمياً من بينهم 39 وفداً برئاسة ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات جاؤوا للمشاركة في حفل الافتتاح.
وكانت مصر قد وضعت حجر أساس المشروع في 2002 لتبدأ أعمال التمهيد والتأسيس في 2025. لكن المشروع الضخم المقام على مساحة نحو 500 ألف متر مربع، ويتّسع لأكثر من مائة ألف قطعة أثرية. تعرّض لعقبات تمويلية وتأثر بالأحداث السياسية في عام 2011، حتى استغرق اكتماله وقتاً أطول مما خطّط له سلفاً.
وتعد المجموعة الضخمة من كنوز الملك توت عنخ آمون من أكثر عوامل الجذب السياحي للمتحف، حيث عُرضت كاملة لأوّل مرّة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922، بما في ذلك القناع الذهبي الذي دُفن به الملك الشاب وكرسي الحكم والتابوت وآلاف القطع الأخرى.
وينتصب في بهو المتحف تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني كان قائماً لعقود من الزمن في ميدان بوسط القاهرة.
كما يشمل المتحف مركز ترميم وصيانة للآثار، يُعدّ من أكبر المراكز العالمية المتخصّصة في هذا المجال، أقيم على مساحة 32 ألف متر مربع.
ويضم المتحف أبرز القطع الأثرية من عصر الفراعنة: تماثيل ضخمة وتوابيت وأدوات ومجوهرات، كانت موزّعة في أنحاء مختلفة من البلاد، وصارت معروضة في مساحة تزيد على 50 ألف متر مربع.
ومن المعروف أنّ شركة هينيغان بينغ الإيرلندية صمّمت الواجهة الحجرية والزجاجية للمبنى لتكون «الهرم الرابع» لهضبة الجيزة قرب أهرام خوفو وخفرع ومنقرع.
ومن الوفود التي حضرت أولياء عهود وأمراء وأعضاء من الأسر الحاكمة من: بلجيكا وإسبانيا والدنمارك والأردن والبحرين وسلطنة عُمان، والإمارات والسعودية ولوكسمبورغ وموناكو واليابان وتايلاند.
ومن رؤساء الدول: فلسطين، البرتغال، ألمانيا، قبرص، بلغاريا وكولومبيا..
ورؤساء وزراء من: اليونان، المجر، بجيكا، هولندا، الكويت ولبنان.
لقد بدا واضحاً خلال الافتتاح رغبة مصر في إبراز قوتها الناعمة باعتبار المتحف رسالة مفادها أنّ «الحضارة التي بنت الأهرامات لا تزال قادرة على إبهار العالم» لا بالحجر فقط بل بالفكر والمعرفة والإنسان.
وتعوّل مصر على المتحف في إعادة صياغة صورتها عالمياً في شكل يربط بين ماضيها وحاضرها ومستقبلها.
aounikaaki@elshark.com