كتب عوني الكعكي:
في ندوة عُقدت منذ يومين في فندق فينيسيا، تحت رعاية وزير العدل الأستاذ عادل نصار عنوانها: «القضاء والإعلام»… أثار هذا العنوان عدداً كبيراً من القرّاء له فضول المدعوين والمشاركين في الندوة، إذ إن كانت هناك كلمة لوزير العدل الأستاذ عادل نصار، تحدّث فيها عن الضغوط التي تُـمارس على القضاء… حيث يضطر القاضي في بعض الأوقات أن يقف محتاراً ماذا يفعل؟
كذلك تحدّث عن دور الإعلام في الذهاب بعيداً بالاتهامات، والبعض من وسائل الإعلام يذهب أبعد من ذلك حيث يُركّب أفلاماً وقصصاً عن «قضية ما».
وكانت أيضاً كلمة لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي الأستاذ سهيل عبود، تحدّث فيها عن المعاناة التي يعانيها القاضي، خصوصاً عندما تكون هناك قضية عامة… حيث يقوم الإعلام بلعب دور محقق أو رئيس محكمة.
والبعض الآخر يتهم ويبرّئ، حيث يصبح القاضي محتاراً عند إعلان حكمه.
صحيح أن بعض القضاة عندهم مناعة ضد الضغوطات… ولكن يبقى علينا أن نعرف أنّ القاضي في نهاية الأمر إنسان، وهو يتفاعل مع القضية ويتأثر الى حدٍّ ما بالرأي العام، وبالرأي الآخر.
جاء دوري حيث ألقيت كلمة، بدايةً وجهت فيها تحية لمعالي وزير العدل الذي لم يحصل لي الشرف بالتعرّف إليه.. ولكن من خلال سيرته الذاتيّة، وجدت نفسي أعرفه حق المعرفة، لأنّ هناك الكثير من الشبه بيننا…
على كل حال، أستطيع أن أجزم أن المشكلة ليست بين القضاء والإعلام… المشكلة الحقيقية هي بين القضاء والسياسيين. ولن أطيل عليكم الشرح… بل أكتفي بإعطاء مثل عما جرى في عهد الرئيس السابق ميشال عون، حيث بقي مجلس القضاء الأعلى، ورئيس هيئة التفتيش القضائي، ومدّعي عام التمييز لفترة 3 أشهر يدرسون ملف التعيينات الجديدة والمطلوب إنجازها بسرعة. وبعد دراسة كل ملف درساً عميقاً أُرسلت الملفات للذين تمّ اختيارهم وتعيينهم الى وزيرة العدل السيدة ماري كلود نجم التي كانت قد صرّحت بأنها تنتظر ملف التعيينات على أحرّ من الجمر، كي تقوم بالتوقيع عليه وإرساله لفخامة الرئيس ميشال عون الذي أوقفه، لأنّ التعيينات ألغت دور القاضية غادة عون… تلك القاضية التي كانت لا تنفذ إلاّ قرارات صهر فخامة الرئيس السابق جبران باسيل.
وهكذا أوقفت التعيينات من أجل «عيني» القاضية غادة عون، انطلاقاً من ذلك لا يمكننا القول إنّ الإعلام هو الذي يعتدي على القضاء ويعرقله. وإذا كنّا نريد الحقيقة فإنّ من يعتدي على القضاء هم السياسيون.
وهذا بعض ما جاء في كلمتي:
نلتقي اليوم لتعزيز جسور الثقة بين منظومتي القضاء والإعلام…
إنّ القضاء يعني حق الجمهور في الوصول الى الحقيقة وتحقيق العدالة.. والإعلام يعمل على إيصال القرارات العادلة الى الجمهور.
ولا عدالة من دون مسؤولية وشفافية، ولا حرّية إعلامية من دون مسؤولية وشفافية.
هدفنا اليوم تكريس الشراكة بين القضاء والإعلام. شراكة تُبنى على الاحترام المتبادل: احترام القانون ورجال القانون، واحترام دور الإعلام ورجال الإعلام.. شراكة تقضي بالتزام الجميع بميثاق الشرف المهني.
ونحن ندعم حرّية الصحافة ونؤكد احترام استقلال القضاء.
إنّ التعاون بين القضاء والإعلام يساهم بالنهوض بالدولة، ويحصّن السلم الأهلي ويعزز ثقة المواطن بمسؤوليه ودولته.
وقبل أن أنهي كلمتي لا بدّ من القول للجميع: إنّ لبنان هو من أهم بلدان العالم من حيث الحرّيات وقول كلمة حق.
aounikaaki@elshark.com