مَن عظّم صغائر الأمور ابتلاه ربّ العالمين بكبائرها

كتب عوني الكعكي:

 في وقت تمر البلاد بأصعب مرحلة في تاريخها، خاصة بعد التفوّق الإسرائيلي على صعيد التكنولوجيا، والذي اعترف به شهيد فلسطين القائد السيّد حسن نصرالله، وطلب من جميع عناصر الحزب أن يتخلّوا عن «الموبايل».

عملية التفجير التي افتعلتها إسرائيل أدّت الى إصابة 6000 عنصر من عناصر النخبة في الحزب، وذهب ضحيتها 1000 قتيل.. فقدوا أبصارهم و1000 بُترت أطرافهم و1000 صاروا معاقين جسدياً. هذه العملية كانت أكبر عملية ضد الحزب في تاريخه.

لم تكتفِ إسرائيل بتلك العملية، بل استطاعت الحصول على GBU-57A، تلك القنابل الخارقة لجميع التحصينات، والتي بإمكانها الوصول الى 8 طوابق تحت الأرض. تلك القنابل استطاعت أن تقتل شهيد فلسطين ومعه قادة الصف الأول بالكامل من الحزب.

في هذا الوقت، وبينما تصر إسرائيل على سحب سلاح الحزب، وفي الوقت الذي يتابع رئيس الجمهورية المساعي الحميدة لحل تلك المعضلة بهدوء تام، ويعالج المسائل باجتماعات متكرّرة معظمها بشكل سرّي، للوصول الى حلول تحفظ لبنان، وتفوّت على إسرائيل فرصة استغلال الأوضاع لتدمير ما تبقى من مناطق يسكنها لبنانيون، يؤمنون بموضوع مقاومة إسرائيل ويعتبرونها أكبر عدو للبنان وللأمة العربية جمعاء.

نسمع بعض السادة النواب في مجلس النواب الكريم تناسوا إسرائيل وتناسوا الخطر الذي يحدق بالوطن… وراحوا يتلهّون بموضوع ضرورة أن تتم عملية الانتخابات في العام المقبل، والأهم أن يشارك المغتربون في الانتخابات كما جرى في الانتخابات الماضية.

من حيث المبدأ، هذا حق لكل لبناني أن يقوم بواجبه الوطني، وأن يمارس حقّه في التصويت. ولكن أن نترك قضايا الوطن الملحّة وتصبح القضية الوحيدة التي يعاني منها 800 ألف مواطن مهجّر من جنوب لبنان هي الأساس، فتلك لعمري مهزلة كبرى وقضية ثانوية.

يوماً بعد يوم، يتبيّـن لنا أن بعض الزعماء همّهم الوحيد «الكرسي» والسلطة، ومن أجل ذلك فإنهم مستعدون أن يخربوا البلد من أجل الحصول على مقعد نيابي «بالزايد أو بالناقص».

يا جماعة الخير… الوطن في خطر و6 نواب «بالزايد أو بالناقص» لا يمكن أن يغيّروا شيئاً أساسياً أمام إنقاذ الوطن.

مشكلة شركائنا في الوطن وبالأخص إخواننا الموارنة، الذين هم أساس البلد.. إنهم وعند اقتراب أي استحقاق انتخابي يقيمون الدنيا ويقعدونها من أجل موقع أو إثنين.

على كل حال، فإنّ نسبة مشاركة اللبنانيين في أية انتخابات لا تصل الى الـ50 % من أصوات الناخبين، وهذا يدل على أن هناك تضخيماً لعملية الانتخاب.

في جلسة عند غبطة البطريرك الماروني بشارة الراعي كان هناك نوع من التذمّر من نقص في عدد المسيحيين في لبنان بعد عام 1975، حيث كانت نسبة المسيحيين 49 %، و23 % من أهل السنّة، و22 % من الشيعة و6 % من الدروز.

أما اليوم، فإنّ تلك النسب قد تغيّرت وبالأخص على الصعيد المسيحي، حيث أصبحت نسبة المسيحيين تحت 30 %.

وهذا ما يبرّره صاحب الغبطة بأنّ الهجرة سببها عدم الاستقرار والحروب الأهلية والاعتداءات الاسرائيلية والاحتلال الاسرائيلي عام 1982.

وقال غبطته إنّ تاريخ الهجرة يعود الى 200 سنة بسبب الحروب والحاجة الى فرص عمل غير متوفرة في لبنان.

أما الشهيد الرئيس رفيق الحريري وللتاريخ، فقد أعلن (بطلنا العد) بعد مناقشات حول نسبة المسيحيين في لبنان. إذ إن أهمية لبنان بالنسبة للعالم العربي هو الوجود المسيحي.

أيها الناس: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

aounikaaki@elshark.com