هل يصمد لبنان أمام زلزال مضيق هرمز؟

ياغي" للشرق" إقفال مضيق هرمز سينتهي بسيناريو "فاتورة طاقية ثقيلة " للدول المستوردة للنفط مثل لبنان

كتبت ريتا شمعون

تتواصل الحرب المدمرة بين اسرائيل وإيران، وسط مخاوف من تداعيات المشهد الجديد بعد أن دخلت الولايات المتحدة الأميركية الحرب رسميا، هذا المشهد من شأنه توسيع نطاق الأزمة في لحظة فارقة قد تقود الى حرب أقليمية شاملة.

وكنتيجة مباشرة وفورية للحرب الدائرة حدث ارتفاع حادّ في أسعار النفط وانخفاض في أسعار الأسهم، ما سبب اضطرابات عنيفة في الأسواق العالمية .

إذا استمرت الأزمة الإيرانية الاسرائيلية قد يرفع سعر برميل النفط الى 90 دولار أميركي ويتضرر قطاع الطاقة بشكل لا يتحمله المستهلك والقطاعات الإنتاجية.

أما في حال أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز، أكثر نقاط الملاحة حساسية، فقد يواجه العالم أزمة نفطية لم يشهدها منذ عام 1973، ما قد يدفع الاقتصاد العالمي الى ركود.

ما الذي نعرفه عن هذا المضيق وما هي الدول الأكثر اعتمادا عليه، وهل من الممكن أن تتحول التهديدات الإيرانية الى واقع؟

مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، يقع في منطقة الخليج العربي فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، فهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر.

وبحسب صحيفة ” نيويورك تايمز” مسؤولون أميركيون تحدثوا في إجتماعات في البيت الأبيض عن ضرورة الاستعداد لاحتمال إغلاق ايران لمضيق هرمز.

نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، يقول : إن إغلاق مضيق هرمز سيكون بمثابة صدمة لسوق النفط وروسيا تأمل في تجنب مثل هذه الأحداث.

والسؤال ما هو التأثير الأكبر في حال تمّ إقفال مضيق هرمز؟

يقول المهندس ربيع ياغي، الخبير في الشؤون النفطية، لم يسبق أن أغلقت إيران المضيق، لكن سبق ان هددّت بإغلاقه أمام حركة الملاحة في العام 2011 رداَ على عقوبات فرضتها عليها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ، بسبب يرنامجها النووي.

ويرى ياغي في حديث لجريدة ” الشرق” أن إيران ستكون الضحية الأولى والأساسية لهذه الخطوة، مشيرا الى ان ” اقفال مضيق هرمز”،قد يضرّ إيران نفسها، لكنه سيؤثر بشكل كبير على الأسواق العالمية، موضحا: أن إيران عاجزة اليوم عن تصدير نفطها إلا لدول محددة بسبب العقوبات، بالتالي مع إقفال مضيق هرمز وفي ظل استمرار الحرب والعقوبات لن تتمكن إيران من تصدير نفطها وتأمين أي إيرادات.

وتابع، أن إغلاق المضيق لن يضرّ فقط بقطاع النفط العالمي وبدول الخليج العربي التي أعربت عن إدانتها واستنكارها للإعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، بل سيضرّ بايران، فليس من مصلحتها القيام بذلك.

ويشير الى ان إيران كانت تنقل سرّاً النفط الخام، وتعتمد على اسطول ظل من الناقلات التي تخفي أنشطتها لتفادي العقوبات، و”باسعار دنيا أو منخفضة” وأحيانا كانت تقوم بتهريب النفط بشكل غير رسمي، ذلك، بمعدل مليون و800 ألف برميل يوميا.بينما يستهلك العالم حوالى 105 مليون برميل من النفط يوميا، هذا الرقم يمثل استهلاك النفط العالمي بشكل عام، ويشمل جميع أنواع النفط الخام والمشتقات النفطية المختلفة.

وفي السياق، بتابع ياغي، تصدّر كل من السعودية والإمارات والكويت، البحرين وقطر وعمان، وإيران معظم نفطهم الخام عبر هذا المضيق، لا سيما الى آسيا.

وتنقل قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال تقريبا عبر مضيق هرمز، وهو ما يمثل نحو ربع استخدام الغاز الطبيعي المسال عالميا.

ويؤكد ياغي، أن استمرار التوترات في الشرق الأوسط ينعكس بتأثيرات مؤكدة على سوق النفط العالمي، إذ أن أسعار البرميل ستقفز سريعا إذا استمرت الحرب، مضيفاَ: أن ما تشهده أسواق النفط والغاز حاليا هو حدوث انفعالية في ردود الفعل تدفع في اتجاه كثرة المضاربات، لافتا الى النفط يواصل الإرتفاع، حيث ارتفع سعر برميل النفط ” خام برنت” بنسبة 15%، ليصل الى 77.52 دولاراَ أميركيا، وكمتابع لتقلبات السوق الدولية، يرى أنه إذا استمرت الأمور على ما هي عليه سنلحظ إرتفاعات متسارعة بأسعار النفط قد تتجاوز 80 دولار للبرميل لتصل الى حوالى 100 دولار.

وفي السياق، يؤكد على أنه تلقائيا سينعكس الإرتفاع الحاصل بأسعار النفط عالميا على أسعار البنزين والمازوت والغاز المنزلي بنفس النسب المئوية.

واضاف، أن الخطر الأكبر بالنسبة لقطاع التامين في الصراع الحاصل حاليا هو زيادات بتكاليف الشحن للسفن، مشيرا الى ان تكلفة التامين ضد مخاطر الحروب على سفن الشحن إرتفعت بما يصل الى 60% خلال هذه الفترة، متوقعا أن تنتهي بسيناريو ” فاتورة طاقية ثقيلة” لدول مستوردة للنفط ومشتقاته، مثل لبنان في حال عدم توقف الصراع، بالتالي، إقفال مضيق هرمز وربما باب المندب معاَ، عندها يدخل السعر نطاق المئة الى 120 دولاراَ وقد يصل الى 130 دولاراَ وفق ياغي.

ماذا عن لبنان ؟

يقول ياغي، في حال توسعت الحرب وصارت إقليمية، فإن مفاعيلها ستطال لبنان موضحا أن لبنان للأسف لا يمتلك مخزونا استراتيجيا من النفط، على غرار الدول المتطورة والمتقدمة ، التي تتمتع بقدرات تنظيمية مالية وإدارية  قائلاَ: على الرغم من الأزمات التي مرّ بها لبنان  الدولة  اللبنانية ” ما عندها نظره ” وهذا ليس لصالحها، أولاَ:  ليس لديها حلول وثانيا: لا قدرة لها على مواجهة أزمة الطاقة، ما  يجعل لبنان مكشوفا لأي أزمة في الإمدادات.

فعمليا، كان من المفترض أن تضع الحكومة استراتيجية تلزم من خلالها مختلف الشركات المستوردة للنفط في لبنان بايداع 5 الى 10% من طاقتها النفطية في خزانات الدولة الموجودة في طرابلس والزهراني تكفي لبنان لمدة شهرين أو ثلاثة، وتتولى مهام الإشراف والرقابة عليها جهة حكومية تمنع إستخدام النفط إلا في الحالات الطارئة، متخوفا من عدم إستيراد مواد البنزين والديزل والغاز، متوقعا أن يصبح سعر صفيحة البنزين خياليا إذا وجد في المحطات.

لكن يقول ياغي، نحن اليوم نعيش في بلد مصدر ومستورد للأزمات، حيث يعيش الكثيرون يوما بيوم بسبب الظروف الإقتصادية والاجتماعية الصعبة التي نمرّ بها، لا يوجد أفق واضح للمستقبل، أما الحكومات المتعاقبة حدث عنها ولا حرج، لا ترى ما هو أبعد من الأنف،  ولم تساهم يوما لا فكرا ولا عملاَ من أجل إزدهار لبنان وقوته.

ويرى ياغي، أن إقفال مضيق هرمز سيفرز معطيات جديدة سيؤثر على النفط الخام الآتي من الدول العربية ، سيترجم في لبنان على مستوى أزمة الطاقة، بسبب تعطيل مرور النفط العراقي الذي يتكل عليه لبنان في مجال الكهرباء، والذي يمرّ عبر هذا المضيق، وأي تأخير في وصول شحنة النفط العراقي الى لبنان سيؤدي الى أزمة خطيرة خصوصا وأن لبنان يتكل على مصدر واحد لتأمين الكهرباء هو النفط العراقي باعتباره ” المانح الأكبر” للنفط للبنان ، مع العلم أن هناك مستحقات إجمالية تبلغ قيمتها 600 مليون دولار أميركي لحساب المصرف المركزي العراقي، فلا نزال نتشاطر على العراق، مضيفا: أن أي خلل في الإمدادات يشكل تهديدا مباشرا لأمن لبنان الطاقوي واستقراره الإجتماعي في ظل إتفاق نفطي هش مع بغداد وغياب مخزون استراتيجي فعال.