اشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة في مقال يشرح كيف “تسلّل جواسيس إسرائيليّون إلى معقل “حزب الله” في بيروت، وزرعوا أجهزةً وَجّهت الضّربات الجوّيّة الّتي أسفرت عن مقتل الأمين العام السّابق للحزب السيّد حسن نصرالله”، إلى أنّ “تلك العمليّة حصلت في أيلول 2024، بينما كانت الطّائرات الحربيّة الإسرائيليّة تقصف مواقع “حزب الله” في الضاحية الجنوبية لبيروت، حين تسلّل عدد من العملاء إلى حارة حريك، وهو حي شيعي مكتظّ بالبناء، وهُم يحملون طرودًا مموّهةً بعناية”، مؤكّدةً أنّهم “كانوا يدركون تمامًا أنّه إذا ألقى عناصر “حزب الله” القبض عليهم، فالموت سيكون حتميًّا، وإذا تمّ اكتشاف الأجهزة الّتي بحوزتهم، فسيتعرّض أمن إسرائيل لضربة مدمّرة”.
وكشفت الصّحيفة أنّ “عناصر وحدة الموساد تسلّلوا بحذر عبر الأزقة الضيّقة، ملتصقين بالجدران، على أمل أن يكون المسؤول عنهم قد نسّق مع الجيش الإسرائيلي، حتى لا تقوم القوّات الجوّيّة بقصف المسار نفسه الّذي يسلكونه. كانت وجهتهم مبنى سكنيًّا شاهقًا، حيث يقع تحته السّرّ الأكثر حساسيّة لـ”حزب الله”: المخبأ تحت الأرض الّذي يُستخدَم كمقرّ القيادة الرّئيسي له”.
وبيّنت أنّ “المعلومات الاستخباريّة الّتي وصلت إلى الوحدة 8200 والمخابرات العسكريّة، أشارت إلى أنّه من المقرَّر أن يلتقي الأمين العام السّابق للحزب السيّد حسن نصرالله هناك مع قائد “فيلق القدس” الإيراني في لبنان الجنرال عباس نيلفروشان، ورئيس الجبهة الجنوبيّة لـ”حزب الله” علي كركي، الّذي كان يُعتبر خليفة محتملاً لنصرالله”.
وأضافت: “لم يكن سوى عدد قليل من حرّاس الأمن والدّائرة الدّاخليّة لـ”حزب الله” على علم بوجود هذا المخبأ”، موضحةً أنّه “كان من المقرَّر أن يضع عناصر الموساد أجهزتهم في نقاط محدّدة مسبقًا داخل المبنى الّذي يقع فوق المجمّع. وقد قدّروا فرص نجاتهم بنسبة لا تتجاوز 50% فقط. وحتى لو لم يلاحظهم عناصر “حزب الله”، فإنّهم كانوا لا يزالون معرّضين لخطر الإصابة بشظايا من القنابل الإسرائيليّة الّتي تتساقط في المناطق المجاورة”.
كما ذكرت الصّحيفة أنّ “قبل ساعات قليلة من الانطلاق، أجرى العملاء نقاشًا متوتّرًا مع مسؤولهم في الموساد. قالوا إنّهم مستعدّون للمهمّة، لكنّهم طالبوا بأن توقف القوّات الجوّيّة قصفها العنيف خلال عمليّة التسلّل. أمّا المسؤول فأصرّ على العكس: الغارات لن تتوقّف فحسب، بل ستتصاعد، ممّا يُجبر حراس “حزب الله” على الاحتماء ويَمنح العملاء فرصةً للوصول إلى المخبأ”.
وركّزت على أنّه “تحت وابل القنابل الإسرائيليّة، أكمل فريق الموساد مهمته. زرعوا الأجهزة في الأماكن المحدّدة بالضّبط، وانسحبوا دون أن يُكشف أمرهم”، لافتةً إلى أنّ “المعدّات الّتي حملوها كانت تبدو وكأنّها شيء من عالم الخيال العلمي. تمّ الانتهاء منها في عام 2022، أي قبل حوالي عام من هجوم “حماس” في 7 تشرين الأوّل 2023، وكانت مصمَّمة للسّماح بشنّ ضربات دقيقة على أعماق مختلفة تحت الأرض. سعى الموساد للحصول على هذه التقنيّة ليس فقط من أجل لبنان، بل أيضًا من أجل ضربة محتمَلة على البرنامج النّووي الإيراني”.
وتابعت “يديعوت أحرونوت”: “في 27 أيلول 2024، عند السّاعة 18:20 مساءً، أَسقطت 10 مقاتلات إسرائيليّة 83 قنبلةً زنة الواحدة منها طنًّا على الهدف. شملت الضّربة مقاتلات “F-15I” رعام من السّرب 69 المعروف باسم “المطارق”، ومقاتلات “F-16I” صُفا. كانت القنابل، المصنوعة في الولايات المتحدة الأميركيّة والمعروفة في إسرائيل باسم “البَرَد الثّقيل”، من طراز “BLU-109” مخصّصة لاختراق المخابئ، وتحمل أنظمة توجيه عبر “GPS” ونظام الاستهداف المتخصّص الّذي وضعه الموساد سابقًا”.